responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 167
ضيعت نَفسك وضيعت الاسلام وَكَانَ بعض خلفاء بني الْعَبَّاس يلْعَب بالشطرنج فاستاذن عَلَيْهِ عَمه فاذن لَهُ وغطى الرقعة فَلَمَّا جلس قَالَ لَهُ يَا عَم هَل قَرَأت الْقُرْآن قَالَ قَالَ هَل كتبت شَيْئا من السّنة قَالَ لَا قَالَ فَهَل نظرت فِي الْفِقْه وَاخْتِلَاف النَّاس قَالَ لَا قَالَ فَهَل نظرت فِي الْعَرَبيَّة وايام النَّاس قَالَ لَا قَالَ فَقَالَ الْخَلِيفَة اكشف الرقعة ثمَّ اتم اللّعب وَزَالَ احتشامه وحياؤه مِنْهُ وَقَالَ لَهُ ملاعبه يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ تكشفها ومعنا من تحتشم مِنْهُ قَالَ اسْكُتْ فَمَا مَعنا اُحْدُ وَهَذَا لَان الانسان انما تميز عَن سائ الْحَيَوَانَات بِمَا خص بِهِ من الْعلم وَالْعقل والفهم فَإِذا عدم ذَلِك لم يبْق فِيهِ الا الْقدر الْمُشْتَرك بَينه وَبَين سَائِر الْحَيَوَانَات وَهِي الحيوانية البهيمية وَمثل هَذَا لَا يستحي مِنْهُ النَّاس وَلَا يمْنَعُونَ بِحَضْرَتِهِ وشهوده مِمَّا يستحيا مِنْهُ من اولى الْفضل وَالْعلم الْوَجْه الاربعون بعدالمائة ان كل صَاحب بضَاعَة سوى الْعلم إِذا علم ان غير بضاعته خير مِنْهَا زهد فِي بضاعته وَرغب فِي الاخرى وود انها لَهُ عوض بضاعته الا صَاحب بضَاعَة الْعلم فَإِنَّهُ لَيْسَ يحب ان لَهُ يحظه مِنْهَا حَظّ اصلا وَكَانَ سُفْيَان الثَّوْريّ إِذا رأى الشَّيْخ لم يكْتب الحَدِيث قَالَ لاجزاك الله عَن الاسلام خيرا قَالَ ابو جَعْفَر الطَّحَاوِيّ كنت عِنْد احْمَد بن ابي عمرَان فَمر بِنَا رجل من بني الدُّنْيَا فَنَظَرت اليه وشغلت بِهِ عَمَّا كنت فِيهِ من المذاكرة فَقَالَ لي كَأَنِّي بك قد فَكرت فِيمَا اعطى هَذَا الرجل من الدُّنْيَا قلت لَهُ نعم قَالَ هَل ادلك على خلة هَل لَك ان يحول الله اليك مَا عِنْده من المَال ويحول اليه مَا عنْدك من الْعلم فتعيش انت غَنِيا جَاهِلا ويعيش هُوَ عَالما فَقِيرا فَقلت مَا اخْتَار ان يحول الله مَا عِنْدِي من الْعلم الى مَا عِنْده فالعلم غنى بِلَا مَال وَعز بِلَا عشيرة وسلطان بِلَا رجال وَفِي ذَلِك قيل:
الْعلم كنز وَذخر لَا نفاد لَهُ ... نعم القرين إِذا مَا صَاحب صحبا قد يجمع الْمَرْء مَالا ثمَّ يحرمه ... عَمَّا قَلِيل فَيلقى الذل والحربا وجامع الْعلم مغبوط بِهِ ابدا ... وَلَا يحاذر مِنْهُ الْفَوْت والسلبا يَا جَامع الْعلم نعم الذخر تجمعه ... لَا تعدلن بِهِ درا وَلَا ذَهَبا
الْوَجْه الْحَادِي والاربعون بعدالمائة ان الله سُبْحَانَهُ اخبر انه يجزى الْمُحْسِنِينَ اجرهم باحسن مَا كانواي يعْملُونَ وَاخْبَرْ سُبْحَانَهُ انه يجزى على الاحسان بِالْعلمِ وَهَذَا يدل على انه من احسن الْجَزَاء اما الْمقَام الاول فَفِي قَوْله تَعَالَى وَالَّذِي جَاءَ بِالصّدقِ وَصدق بِهِ اولئك هم المتقون لَهُم مَا يشاءون عِنْد رَبهم ذَلِك جَزَاء الْمُحْسِنِينَ ليكفر الله عَنْهُم اسوا الَّذِي عمِلُوا ويجزيهم اجرهم باحسن الَّذِي كانوايعملون وَهَذَا يتَنَاوَل الجزاءين الدنيوي والاخروي واما الْمقَام الثَّانِي فَفِي قَوْله تَعَالَى وَلما بلغ اشده آتيناه حكما وعلما وَكَذَلِكَ نجزي الْمُحْسِنِينَ قَالَ الْحسن من احسن عبَادَة الله فِي شيبته لقاه الله الْحِكْمَة عِنْد كبر سنه وَذَلِكَ قَوْله وَلما بلغ اشده آتيناه

نام کتاب : مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 167
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست