responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 155
وَقَالَ السرى الْيَقِين السّكُون عِنْد جولان الْمَوَارِد فِي صدرك ليتقنك ان حركتك فِيهَا لاتنفعك وَلَا ترد عَنْك مقضيا قلت هَذَا إِذا لم تكن الْحَرَكَة مَأْمُورا بهَا فَإِذا كَانَت مَأْمُورا بهَا فاليقين فِي بذل الْجهد فِيهَا واستفراغ الوسع وَقيل إِذا اسْتكْمل العَبْد حَقِيقَة الْيَقِين صَار الْبلَاء عِنْده نعْمَة والمحنة منحة فالعلم اول دَرَجَات الْيَقِين وَلِهَذَا قيل الْعلم يستعملك وَالْيَقِين يحملك فاليقين افضل مواهب الرب لعَبْدِهِ وَلَا تثبت قدم الرضاء الا على دَرَجَة الْيَقِين قَالَ تَعَالَى اما اصاب من مُصِيبَة الا باذن الله وَمن يُؤمن بِاللَّه يهد قلبه قَالَ ابْن مَسْعُود هُوَ وَالْعَبْد تصيبه الْمُصِيبَة فَيعلم انها من الله فيرضى وَيسلم فَلهَذَا لم يحصل لَهُ هِدَايَة الْقلب وَالرِّضَا وَالتَّسْلِيم الا بيقينه قَالَ فِي الصِّحَاح الْيَقِين الْعلم وَزَوَال الشَّك يُقَال مِنْهُ يقنت الامر يقنا واستيقنت وايقنت وتيقنت كُله بِمَعْنى وَاحِد وَأَنا على يَقِين مِنْهُ وَإِنَّمَا صَارَت الْيَاء واوا فيموقن للضمة قبلهَا وَإِذا صغرتها رَددته لى الاصل فَقلت مييقن وَرُبمَا عبروا عَن الظَّن بالقين وبالظن عَن الْيَقِين قَالَ:
تحسب هواس وأيقن اني ... بهَا مفتد من وَاحِد لَا أغامره ... يَقُول تشمم الاسد نَاقَتي يظنّ انني افتدى بهَا مِنْهُ وأستحيي نَفسِي فأتركها لَهُ وَلَا اقتحم المهالك لمقاتلته قلت هذاموضع اخْتلف فِيهِ اهل اللُّغَة وَالتَّفْسِير هَل يسْتَعْمل الْيَقِين فِي مَوضِع الظَّن وَالظَّن فِي مَوضِع الْيَقِين فَرَأى ذَلِك طَائِفَة مِنْهُم الْجَوْهَرِي وَغَيره وَاحْتَجُّوا بسوى مَا ذكر بقوله تَعَالَى {الَّذين يظنون أَنهم ملاقو رَبهم وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُون} وَلَو شكوا فِي ذَلِك لم يَكُونُوا موقنين فضلا عَن ان يمدحوا بِهَذَا الْمَدْح وَبِقَوْلِهِ {قَالَ الَّذين يظنون أَنهم ملاقوا الله كم من فِئَة قَليلَة غلبت فِئَة كَثِيرَة بِإِذن الله} وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَرَأى المجرمون النَّار فظنوا أَنهم مواقعوها} وَبقول الشَّاعِر
فَقلت لَهُم ظنُّوا بالفي مقَاتل ... سراتهم فِي الْفَارِسِي المسرد أَي استيقنوا بِهَذَا الْعدَد وَأبي ذَلِك طَائِفَة وَقَالُوا لَا يكون الْيَقِين الا للْعلم واما الظَّن فَمنهمْ من وَافق على انه يكون الظَّن فِي مَوضِع الْيَقِين واجابوا عَمَّا احْتج بِهِ من جوز ذَلِك بَان قَالُوا هَذِه الْمَوَاضِع الَّتِي زعمتم ان الظَّن وَقع فِيهَا موقع الْيَقِين كلهَا على بَابهَا فَإنَّا لم نجد ذَلِك الا فِي علم بمغيب وَلم تجدهم يَقُولُونَ لمن راى الشَّيْء اظنه وَلمن ذاقه اظنه وَإِنَّمَا يُقَال لغَائِب قدعرف بِالسَّمْعِ وَالْعلم فَإِذا صَار الى الْمُشَاهدَة امْتنع الى اطلاق الظَّن عَلَيْهِ قَالُوا وَبَين العيان وَالْخَبَر مرتبَة متوسطة باعتبارها اوقع على الْعلم بالغائب الظَّن لفقد الْحَال الَّتِي تحصل المدركة بِالْمُشَاهَدَةِ وعَلى هذاخرجت سَائِر الادلة الَّتِي ذكرتموها وَلَا يرد على هَذَا قَوْله {وَرَأى المجرمون النَّار فظنوا أَنهم مواقعوها} لَان الظَّن انما وَقع على مواقعتها وَهِي غيب حَال الرُّؤْيَة فَإِذا واقعوها لم يكن ذَلِك ظنا بل حق يَقِين قَالُوا وَأما قَول الشَّاعِر وايقن انني بهَا مفتد فعلى بَابه لانه ظن ان الاسد لتيقنه شجاعته

نام کتاب : مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 155
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست