responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 151
الْمُؤمن فِي هَذِه الدَّار سبي من الْجنَّة الى دَار التَّعَب والعناء ثمَّ ضرب عَلَيْهِ الرّقّ فِيهَا فَكيف يلام على حنينه الى دَاره الَّتِي سبى مِنْهَا وَفرق بَينه وَبَين من يحب وَجمع بَينه وَبَين عدوه فروحه دَائِما معلقَة بذلك الوطن وبدنه فِي الدُّنْيَا ولى من ابيات فِي ذَلِك
وَحي على جنَّات عَن فانها ... منازلك الاولى وفيهَا المخيم ولكننا سبي الْعَدو فَهَل ترى ... نعود الى اوطاننا ونسلم وَكلما اراد مِنْهُ الْعَدو نِسْيَان وَطنه وَضرب الذّكر عَنهُ صفحا وايلافه وطنا غَيره ابت ذَلِك روحه وَقَلبه كَمَا قيل:
يُرَاد من الْقلب نسيانكم ... وتأبى الطباع على النَّاقِل وَلِهَذَا كَانَ الْمُؤمن غَرِيبا فِي هَذِه الدَّار ايْنَ حل مِنْهَا فَهُوَ فِي دَار غربَة كَمَا قَالَ النَّبِي كن فِي الدُّنْيَا كانك غَرِيب اَوْ عَابِر سَبِيل وَلكنهَا غربَة تنقضى وَيصير الى وَطنه ومنزله وانما الغربة الَّتِي لَا يُرْجَى انقطاعها فَهِيَ غربَة فِي دَار الهوان ومفارقة وَطنه الَّذِي كَانَ قد هيء وَاعد لَهُ وامر بالتجهيز اليه والقدوم عَلَيْهِ فابى الا اغترابه عَنهُ ومفارقته لَهُ فَتلك غربَة لَا يُرْجَى ايابها وَلَا يجْبر مصابها وَلَا تبادر الى انكار كَون الْبدن فِي الدُّنْيَا وَالروح فِي الْمَلأ الاعلى فللروح شَأْن وَالْبدن شَأْن وَالنَّبِيّ كَانَ بَين اظهر اصحابه وَهُوَ عِنْد ربه يطعمهُ ويسقيه فبدنه بَينهم وروحه وَقَلبه عِنْد ربه وَقَالَ ابو الدَّرْدَاء اذا نَام العبدعرج بِرُوحِهِ الى تَحت الْعَرْش فان كَانَ طَاهِرا اذن لَهَا بِالسُّجُود وان لم يكن طَاهِرا لم يُؤذن لَهَا بِالسُّجُود فَهَذِهِ وَالله أعلم هِيَ الْعلَّة الَّتِي امْر الْجنب لاجلها ان يتَوَضَّأ إِذا أَرَادَ النّوم وَهَذَا الصعُود إِنَّمَا كَانَ لتجرد الرّوح عَن الْبدن بِالنَّوْمِ فَإِذا تجردت بِسَبَب آخر حصل لَهَا من الترقي والصعود بِحَسب ذَلِك التجرد وَقد يقوى الْحبّ بالمحب حَتَّى لَا يُشَاهد مِنْهُ بَين النَّاس الا جِسْمه وروحه فِي مَوضِع آخر عِنْد محبوبه وَفِي هَذَا من شاعار النَّاس وحكاياتهم مَا هُوَ مَعْرُوف وَقَوله اولئك خلفاء الله فِي ارضه ودعائه الى دينه هَذَا حجَّة اُحْدُ الْقَوْلَيْنِ فِي انه يجوز ان يُقَال فلَان خَليفَة الله فِي ارضه وَاحْتج اصحابه ايضا بقوله تَعَالَى للْمَلَائكَة إِنِّي جَاعل فِي الارض خَليفَة وَاحْتَجُّوا بقوله تَعَالَى وَهُوَ الَّذِي جعلكُمْ خلائف فِي الارض وَهَذَا خطاب لنَوْع الانسان وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى امن يُجيب الْمُضْطَر اذا دَعَاهُ ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الارض وَبقول مُوسَى لِقَوْمِهِ عَسى ربكُم ان يهْلك عَدوكُمْ ويستخلفكم فِي الارض فَينْظر كَيفَ تَعْمَلُونَ وَيَقُول النَّبِي ان الله مُمكن لكم فِي الارض ومستخلفكم فِيهَا فناظر كَيفَ تَعْمَلُونَ فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقوا النِّسَاء وَاحْتَجُّوا بقول الرَّاعِي يُخَاطب ابا بكر رَضِي الله عَنهُ:
خَليفَة الرَّحْمَن انام معشر ... حنفَاء نسجد بكرَة واصيلا

نام کتاب : مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 151
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست