responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 146
دلَالَة الْقُرْآن بطرِيق الْخَبَر وَإِلَّا فدلالته البرهانية الْعَقْلِيَّة الَّتِي يُشِير اليها ويرشد اليها فَتكون دَلِيلا سمعيا عقليا امْر تميز بِهِ الْقُرْآن وَصَارَ الْعَالم بِهِ من الراسخين فِي الْعلم وَهُوَ الْعلم الَّذِي يطمئن اليه الْقلب وتسكن عِنْده النَّفس ويزكو بِهِ الْعقل وتستنير بِهِ البصيرة وتقوى بِهِ الْحجَّة وَلَا سَبِيل لَاحَدَّ من الْعَالمين الى قطع من حَاج بِهِ بل من خَاصم بِهِ فلجت حجَّته وَكسر شُبْهَة خَصمه وَبِه فتحت الْقُلُوب واستجيب لله وَلِرَسُولِهِ وَلَكِن اهل هَذَا الْعلم لاتكاد الاعصار تسمح مِنْهُم الا بِالْوَاحِدِ بعد الْوَاحِد فدلالة الْقُرْآن سمعية عقلية قَطْعِيَّة يقينية لَا تعترضها الشُّبُهَات وَلَا تتداولها الِاحْتِمَالَات وَلَا ينْصَرف الْقلب عَنْهَا بعد فهمها ابدا وَقَالَ بعض الْمُتَكَلِّمين افنيت عمري فِي الْكَلَام اطلب الدَّلِيل وانا لاأزداد الا بعدا عَن الدَّلِيل فَرَجَعت الى الْقُرْآن اتدبره واتفكر فِيهِ واذا انا بِالدَّلِيلِ حَقًا معي وانا لَا أشعر بِهِ فَقلت وَالله مَا مثلي الا كَمَا قَالَ الْقَائِل:
وَمن الْعَجَائِب والعجائب جمة ... قرب الحبيب وَمَا اليه وُصُول كالعيش فِي الْبَيْدَاء يَقْتُلهَا الظما ... ولاماء فَوق ظُهُورهَا مَحْمُول ... قَالَ فَلَمَّا رجعت الى الْقُرْآن إِذا هُوَ الحكم وَالدَّلِيل وَرَأَيْت فِيهِ من ادلة الله وحججه وبراهينه وبيناته مَا لَو جمع كل حق قَالَه المتكلمون فِي كتبهمْ لكَانَتْ سُورَة من سور الْقُرْآن وافية بمضمونه مَعَ حسن الْبَيَان وفصاحة اللَّفْظ وتطبيق الْمفصل وَحسن الِاحْتِرَاز والتنبيه على مواقع الشّبَه والارشاد الى جوابها وَإِذا هُوَ كَمَا قيل بل فَوق مَا قيل:
كفى وشفى مَا فِي الْفُؤَاد فَلم يدع ... لذِي ارب فِي القَوْل جدا وَلَا هزلا وَجعلت جيوش الْكَلَام بعد ذَلِك تفد الى كَمَا كَانَت وتتزاحم فِي صَدْرِي وَلَا ياذن لَهَا الْقلب بِالدُّخُولِ فِيهِ وَلَا تلقى مِنْهُ إقبالا وَلَا قبولا فترجع على ادبارها وَالْمَقْصُود ان الْقُرْآن مَمْلُوء بالاحتجاج وَفِيه جَمِيع انواع الادلة والاقيسة الصَّحِيحَة وَأمر الله تَعَالَى رَسُوله فِيهِ بِإِقَامَة الْحجَّة والمجادلة فَقَالَ تَعَالَى {وجادلهم بِالَّتِي هِيَ أحسن} وَقَالَ {وَلَا تجادلوا أهل الْكتاب إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أحسن} وَهَذِه مناظرات الْقُرْآن مَعَ الْكفَّار مَوْجُودَة فِيهِ وَهَذِه مناظرات رَسُول الله واصحابه لخصومهم وَإِقَامَة الْحجَج عَلَيْهِم لَا يُنكر ذَلِك الا جَاهِل مفرط فِي الْجَهْل وَالْمَقْصُود الْفرق بَين الْحجَج والبينات فَنَقُول الْحجَج الادلة العلمية والبيانات جمع بَيِّنَة وَهِي صفة فِي الاصل يُقَال آيَة بَيِّنَة وَحجَّة بَيِّنَة وَالْبَيِّنَة اسْم لكل مَا يبين الْحق من عَلامَة مَنْصُوبَة اَوْ أَمارَة اَوْ دَلِيل علمي قَالَ تَعَالَى لقد ارسلنا رسلنَا بالبيانات وانزلنا مَعَهم الْكتاب وَالْمِيزَان فالبينات الايات الَّتِي اقامها الله دلَالَة على صدقهم من المعجزات وَالْكتاب هُوَ الدعْوَة وَقَالَ تَعَالَى {إِن أول بَيت وضع للنَّاس للَّذي ببكة مُبَارَكًا وَهدى للْعَالمين فِيهِ آيَات بَيِّنَات مقَام إِبْرَاهِيم} ومقام إِبْرَاهِيم آيَة جزئية مرئية بالابصار

نام کتاب : مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 146
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست