responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 145
تَعَالَى {وَالَّذين يحاجون فِي الله من بعد مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حجتهم داحضة عِنْد رَبهم} وَالْحجّة هِيَ اسْم لما يحْتَج بِهِ من حق وباطل قَالَ تَعَالَى لِئَلَّا يكون للنَّاس علكيم حجَّة الا الَّذين ظلمُوا مِنْهُم فانهم يحتجون عَلَيْكُم بِحجَّة بَاطِلَة {فَلَا تخشوهم واخشوني} وَقَالَ تَعَالَى {وَإِذا تتلى عَلَيْهِم آيَاتنَا بَيِّنَات مَا كَانَ حجتهم إِلَّا أَن قَالُوا ائْتُوا بِآبَائِنَا إِن كُنْتُم صَادِقين} وَالْحجّة المضافة الى الله هِيَ الْحق وَقد تكون الْحجَّة بِمَعْنى الْمُخَاصمَة وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {فَلذَلِك فَادع واستقم كَمَا أمرت وَلَا تتبع أهواءهم وَقل آمَنت بِمَا أنزل الله من كتاب وَأمرت لأعدل بَيْنكُم الله رَبنَا وربكم لنا أَعمالنَا وَلكم أَعمالكُم لَا حجَّة بَيْننَا وَبَيْنكُم} أَي قد وضح الْحق واستبان وَظهر فَلَا خُصُومَة بَيْننَا بعد ظُهُوره وَلَا مجادلة فان الْجِدَال شَرِيعَة مَوْضُوعَة للتعاون على إِظْهَار الْحق فَإِذا ظهر الْحق وَلم يبْق بِهِ خَفَاء فَلَا فَائِدَة فِي الْخُصُومَة والجدال على بَصِيرَة مخاصمة الْمُنكر ومجادلته عناء لَا غنى فِيهِ هَذَا معنى هَذِه الاية وَقد يَقع فِي وهم كثير من الْجُهَّال ان الشَّرِيعَة لَا احتجاج فِيهَا وان الْمُرْسل بهَا صلوَات الله وَسَلَامه عَلَيْهِ لم يكن يحْتَج على خصومه وَلَا يجادلهم ويظن جهال المنطقيين وفروخ اليونان ان الشَّرِيعَة خطاب لِلْجُمْهُورِ وَلَا احتجاج يها فيوان الانبياء دعوا الْجُمْهُور بطرِيق الخطابة والحجج للخواص وهم اهل الْبُرْهَان يعنون نُفُوسهم وَمن سلك طريقتهم وكل هَذَا من جهلهم بالشريعة وَالْقُرْآن فَإِن الْقُرْآن مَمْلُوء من الْحجَج والادلة والبراهين فِي مسَائِل التَّوْحِيد واثبات الصَّانِع والمعاد وإرسال الرُّسُل وحدوث الْعَالم فَلَا يذكر المتكلمون وَغَيرهم دَلِيلا صَحِيحا على ذَلِك الا وَهُوَ فِي الْقُرْآن بافصح عبارَة واوضح بَيَان وَأتم معنى وابعده عَن الايرادات والاسئلة وَقد اعْترف بِهَذَا حذاق الْمُتَكَلِّمين من الْمُتَقَدِّمين والمتأخرين قَالَ ابو حَامِد فِي اول الاحياء فَإِن قلت فَلم لم تورد فِي اقسام الْعلم الْكَلَام والفلسفة وَتبين انهما مذمومان اَوْ ممدوحان فَاعْلَم ان حَاصِل مَا يشْتَمل عَلَيْهِ الْكَلَام من الادلة الَّتِي ينْتَفع بهَا فالقرآن والاخبار مُشْتَمِلَة عَلَيْهِ وَمَا خرج عَنْهُمَا فَهُوَ إِمَّا مجادلة مذمومة وَهِي من الْبدع كَمَا سَيَأْتِي بَيَانه واما مشاغبة بالتعلق بمناقضات الْفرق وَتَطْوِيل بِنَقْل المقالات الَّتِي اكثرها ترهات وَهَذَا يانات تزدريها الطباع وتمجها الاسماع وَبَعضهَا خوض فِيمَا لَا يتَعَلَّق بِالدّينِ وَلم يكن شَيْء مِنْهُ مألوفا فِي الْعَصْر الاول وَلَكِن تغير الان حكمه إِذا حدثت الْبدع الصارفة عَن مُقْتَضى الْقُرْآن وَالسّنة لفقت لَهَا شبها ورتبت لَهَا كلَاما مؤلفا فَصَارَ ذَلِك الْمَحْظُور بِحكم الضَّرُورَة مَأْذُونا فِيهِ وَقَالَ الرَّازِيّ فِي كِتَابه اقسام اللَّذَّات لقد تَأَمَّلت الْكتب الكلامية والمناهج الفلسفية فَمَا رَأَيْتهَا تروي غليلا وَلَا تشفى عليلا ورايت اقْربْ الطّرق طَريقَة الْقُرْآن اقرا فِي الاثبات اليه يصعدالكلم الطّيب {الرَّحْمَن على الْعَرْش اسْتَوَى} واقرا فِي النَّفْي {لَيْسَ كمثله شَيْء} وَمن جرب مثل تجربتي عرف مثل معرفتي وَهَذَا الَّذِي اشار اليه بِحَسب مافتح لَهُ من

نام کتاب : مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 145
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست