responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 142
تُؤثر فِيهِ البداآت ويستفز باوائل الامور بِخِلَاف الثَّابِت التَّام الْعَاقِل فَإِنَّهُ لَا تستفزه البداآت وَلَا تزعجه وتقلقله فان الْبَاطِل لَهُ دهشة وروعة فِي اوله فَإِذا ثَبت لَهُ الْقلب رد على عَقِبَيْهِ وَالله يحب من عِنْده الْعلم والاناة فَلَا يعجل بل يثبت حَتَّى يعلم ويستيقن مَا ورد عَلَيْهِ وَلَا يعجل بِأَمْر من قبل استحكامه فالعلجة والطيش من الشَّيْطَان فَمن ثَبت عِنْد صدمة البداآت اسْتقْبل امْرَهْ بِعلم وَجزم وَمن لم يثبت لَهَا استقبله بعجله وطيش وعاقبته الندامة وعاقبة الاول حمدامره وَلَكِن للْأولِ آفَة مَتى قرنت بالحزم والعزم نجا مِنْهَا وَهِي الْفَوْت فَإِنَّهُ لَا يخَاف من التثبيت الا الْفَوْت فَإِذا اقْترن بِهِ الْعَزْم والحزم تمّ امْرَهْ وَلِهَذَا فِي الدُّعَاء الَّذِي وَرَاه الامام احْمَد وَالنَّسَائِيّ عَن النَّبِي اللَّهُمَّ اني اسالك الثَّبَات فِي الامر والعزيمة على الرشد وَهَاتَانِ الكلمتان هما جماع الْفَلاح وَمَا اتى العَبْد الا من تضييعهما اَوْ تَضْييع احدهما فَمَا اتى اُحْدُ الا من بَاب العجلة والطيش واستفزاز البداآت لَهُ أَو من بَاب التهاون والتمات وتضييع الفرصة بعد مواتاتها فَإِذا حصل الثَّبَات اولا والعزيمة ثَانِيًا افلح كل الْفَلاح وَالله ولي التَّوْفِيق الصِّنْف الثَّالِث رجل نهمته فِي نيل لذته فَهُوَ منقاد لداعي الشَّهْوَة ايْنَ كَانَ وَلَا ينَال دَرَجَة وراثة النُّبُوَّة مَعَ ذَلِك وَلَا وَلَا ينَال الْعلم الا بهجر اللَّذَّات وتطليق الرَّاحَة قَالَ مُسلم فِي صَحِيحه قَالَ يحيى بن أبي كثير لَا ينَال الْعلم براحة الْجِسْم وَقَالَ إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ اجْمَعْ عقلاء كل امة ان النَّعيم لَا يدْرك بِالنعَم وَمن آثر الرَّاحَة فَاتَتْهُ الرَّاحَة فَمَا لصَاحب اللَّذَّات وَمَا لدرجة وراثة الانبياء
فدع عَنْك الْكِتَابَة لست مِنْهَا ... وَلَو سودت وَجهك بالمداد فان الْعلم صناعَة الْقلب وشغله فَمَا لم تتفرغ لصناعته وشغله لم تنلها وَله وجهة وَاحِدَة فَإِذا وجهت وجهته الى اللَّذَّات والشهوات انصرفت عَن الْعلم وَمن لم يغلب لَذَّة إِدْرَاكه الْعلم وشهوته على لَذَّة جِسْمه وشهوة نَفسه لم ينل دَرَجَة الْعلم ابدا فَإِذا صَارَت شَهْوَته فِي الْعلم ولذته فِي كل إِدْرَاكه رجى لَهُ ان يكون من جملَة اعلة وَلَذَّة الْعلم لَذَّة عقلية روحانية من جنس لَذَّة الْمَلَائِكَة وَلَذَّة شهوات الاكل وَالشرَاب وَالنِّكَاح لَذَّة حيوانية يُشَارك الانسان فِيهَا الْحَيَوَان وَلَذَّة الشروالظلم وَالْفساد والعلوى فِي الارض شيطانية يُشَارك صَاحبهَا فِيهَا ابليس وَجُنُوده وَسَائِر اللَّذَّات تبطل بمقارفة الرّوح الْبدن الا لَذَّة الْعلم والايمان فَإِنَّهَا تكمل بعد الْمُفَارقَة لَان الْبدن وشواغله كَانَ ينقصها ويقللها ويحجبها فَإِذا انطوت الرّوح عَن الْبدن التذت لَذَّة كَامِلَة بِمَا حصلته من الْعلم النافع وَالْعَمَل الصَّالح فَمن طلب اللَّذَّة الْعُظْمَى وآثر النَّعيم والمقيم فَهُوَ فِي الْعلم والايمان اللَّذين بهما كَمَال سَعَادَة الانسان وايضا فَإِن تِلْكَ اللَّذَّات سريعة الزَّوَال وَإِذا انْقَضتْ اعقبت هما وغما وَألا يحْتَاج صَاحبهَا ان يداويه بِمِثْلِهَا دفعا للألمه وَرُبمَا كَانَ معاودته لَهَا مؤلما لَهُ كريها اليه لَكِن يحملهُ عَلَيْهِ مدواة ذَلِك الْغم والهم فَأَيْنَ هَذَا من لَذَّة الْعلم وَلَذَّة الايمان بِاللَّه ومحبته والاقبال عَلَيْهِ والتنعم بِذكرِهِ فَهَذِهِ هِيَ اللَّذَّة الْحَقِيقِيَّة

نام کتاب : مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 142
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست