responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 141
فانه لَا يغتر بذلك بل يُجَاوز نظره الى بَاطِنهَا وماتحت لباسها فينكشف لَهُ حَقِيقَتهَا وَمِثَال هَذَا الدِّرْهَم الزائف فَإِنَّهُ يغتر بِهِ الْجَاهِل بِالنَّقْدِ نظرا الى مَا عَلَيْهِ من لِبَاس الْفضة والناقد الْبَصِير يُجَاوز نظره الى مَا وَرَاء ذَلِك فَيطلع على زيفه فاللفظ الْحسن الفصيح هُوَ للشُّبْهَة بِمَنْزِلَة اللبَاس من الْفضة على الدِّرْهَم الزائف وَالْمعْنَى كالنحاس الَّذِي تَحْتَهُ وَكم قد قتل هَذَا الِاعْتِذَار من خلق لَا يحصيهم الا الله وَإِذا تَأمل الْعَاقِل الفطن هَذَا الْقدر وتدبره رأى اكثر النَّاس يقبل الْمَذْهَب والمقالة بِلَفْظ ويردها بِعَينهَا بِلَفْظ آخر وَقد رايت انا من هَذَا فِي كتب النَّاس مَا شَاءَ الله وَكم رد من الْحق بتشنيعه بلباس من اللَّفْظ قَبِيح وَفِي مثل هَذَا قَالَ ائمة السّنة مِنْهُم الامام احْمَد وَغَيره لَا نزيل عَن الله صفة من صِفَاته لاجل شناعة شنعت فَهَؤُلَاءِ الْجَهْمِية يسمون إِثْبَات صِفَات الْكَمَال لله من حَيَاته وَعلمه وَكَلَامه وسَمعه وبصره وَسَائِر مَا وصف بِهِ نَفسه تَشْبِيها وتجسيما وَمن اثْبتْ ذَلِك مشبها فَلَا ينفر من هَذَا الْمَعْنى الْحق لاجل هَذِه التَّسْمِيَة الْبَاطِلَة الا الْعُقُول الصَّغِيرَة القاصرة خفافيش البصائر وكل اهل نحلة ومقالة يكسون نحلتهم ومقالتهم احسن مَا يقدرُونَ عَلَيْهِ من الالفاظ ومقالة مخالفيهم اقبح مَا يقدرُونَ عَلَيْهِ من الالفاظ وَمن رزقه الله بَصِيرَة فَهُوَ يكْشف بِهِ حَقِيقَة مَا تَحت تِلْكَ الالفاظ من الْحق وَالْبَاطِل وَلَا تغتر بِاللَّفْظِ كَمَا قيل فِي هَذَا الْمَعْنى
تَقول هَذَا جنى النَّحْل تمدحه ... وان نَشأ قلت ذَا قيء الزنابير مدحا وذما وَمَا جَاوَزت وصفهما ... وَالْحق قد يَعْتَرِيه سوء تَعْبِير
فَإِذا اردت الِاطِّلَاع على كنه الْمَعْنى هَل هُوَ حق اَوْ بَاطِل فجرده من لِبَاس الْعبارَة وجرد قَلْبك عَن النفرة والميل ثمَّ اعط النّظر حَقه نَاظرا بِعَين الانصاف وَلَا تكن مِمَّن ينظر فِي مقَالَة اصحابه وَمن يحسن ظَنّه نظرا تَاما بِكُل قلبه ثمَّ ينظر فِي مقَالَة خصومه وَمِمَّنْ يسيء ظَنّه بِهِ كنظر الشزر والملاحظة فالناظر بِعَين الْعَدَاوَة يرى المحاسن مساوئ والناظر بِعَين الْمحبَّة عَكسه وَمَا سلم من هَذَا الا من اراد الله كرامته وارتضاه لقبُول الْحق وَقد قيل:
وَعين الرِّضَا عَن كل عيب كليلة ... كَمَا ان عين السخط تبدي المساويا وَقَالَ آخر
نظرُوا بِعَين عَدَاوَة لَو انها ... عين الرِّضَا الاستحسنوا مَا استقبحوا فَإِذا كَانَ هَذَا فِي نظر الْعين الَّذِي يدْرك الحسوسات وَلَا يتَمَكَّن من المكابرة فِيهَا فَمَا الظَّن بِنَظَر الْقلب الَّذِي يدْرك الْمعَانِي الَّتِي هِيَ عرضة المكابرة وَالله الْمُسْتَعَان على معرفَة الْحق وقبوله ورد الْبَاطِل وَعدم الاغترار بِهِ وَقَوله بِأول عَارض من شُبْهَة هَذَا دَلِيل ضعف عقله ومعرفته اذ

نام کتاب : مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 141
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست