responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين نویسنده : ابن القيم    جلد : 2  صفحه : 366
فَهُمَا تَوْحِيدَانِ. لَا نَجَاةَ لِلْعَبْدِ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ إِلَّا بِهِمَا: تَوْحِيدُ الْمُرْسِلِ. وَتَوْحِيدُ مُتَابَعَةِ الرَّسُولِ. فَلَا يُحَاكِمُ إِلَى غَيْرِهِ. وَلَا يَرْضَى بِحُكْمِ غَيْرِهِ. وَلَا يَقِفُ تَنْفِيذُ أَمْرِهِ. وَتَصْدِيقُ خَبَرِهِ. عَلَى عَرْضِهِ عَلَى قَوْلِ شَيْخِهِ وَإِمَامِهِ، وَذَوِي مَذْهَبِهِ وَطَائِفَتِهِ، وَمَنْ يُعَظِّمُهُ. فَإِنْ أَذِنُوا لَهُ نَفَّذَهُ وَقَبِلَ خَبَرَهُ، وَإِلَّا فَإِنْ طَلَبَ السَّلَامَةَ: أَعْرَضَ عَنْ أَمْرِهِ وَخَبَرِهِ وَفَوَّضَهُ إِلَيْهِمْ، وَإِلَّا حَرَّفَهُ عَنْ مَوَاضِعِهِ. وَسَمَّى تَحْرِيفَهُ: تَأْوِيلًا، وَحَمْلًا. فَقَالَ: نُؤَوِّلُهُ وَنَحْمِلُهُ.
فَلَأَنْ يَلْقَى الْعَبْدُ رَبَّهُ بِكُلِّ ذَنْبٍ عَلَى الْإِطْلَاقِ - مَا خَلَا الشِّرْكَ بِاللَّهِ - خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَلْقَاهُ بِهَذِهِ الْحَالِ.
وَلَقَدْ خَاطَبْتُ يَوْمًا بَعْضَ أَكَابِرِ هَؤُلَاءِ. فَقُلْتُ لَهُ: سَأَلْتُكَ بِاللَّهِ. لَوْ قُدِّرَ أَنَّ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيٌّ بَيْنَ أَظْهُرِنَا. وَقَدْ وَاجَهَنَا بِكَلَامِهِ وَبِخِطَابِهِ. أَكَانَ فَرْضًا عَلَيْنَا أَنْ نَتْبَعَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ نَعْرِضَهُ عَلَى رَأْيِ غَيْرِهِ وَكَلَامِهِ وَمَذْهَبِهِ، أَمْ لَا نَتْبَعَهُ حَتَّى نَعْرِضَ مَا سَمِعْنَاهُ مِنْهُ عَلَى آرَاءِ النَّاسِ وَعُقُولِهِمْ؟
فَقَالَ: بَلْ كَانَ الْفَرْضُ الْمُبَادَرَةَ إِلَى الِامْتِثَالِ مِنْ غَيْرِ الْتِفَاتٍ إِلَى سِوَاهُ.
فَقُلْتُ: فَمَا الَّذِي نَسَخَ هَذَا الْفَرْضَ عَنَّا؟ وَبِأَيِّ شَيْءٍ نُسِخَ؟
فَوَضَعَ إِصْبَعَهُ عَلَى فِيهِ. وَبَقِيَ بَاهِتًا مُتَحَيِّرًا. وَمَا نَطَقَ بِكَلِمَةٍ.
هَذَا أَدَبُ الْخَوَاصِّ مَعَهُ. لَا مُخَالَفَةِ أَمْرِهِ وَالشِّرْكِ بِهِ. وَرَفْعِ الْأَصْوَاتِ، وَإِزْعَاجِ الْأَعْضَاءِ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَالتَّسْلِيمِ. وَعَزْلِ كَلَامِهِ عَنِ الْيَقِينِ. وَأَنْ يُسْتَفَادَ مِنْهُ مَعْرِفَةُ اللَّهِ، أَوْ يُتَلَقَّى مِنْهُ أَحْكَامُهُ. بَلِ الْمُعَوَّلُ فِي بَابِ مَعْرِفَةِ اللَّهِ عَلَى الْعُقُولِ الْمُتَهَوِّكَةِ الْمُتَحَيِّرَةِ الْمُتَنَاقِضَةِ. وَفِي الْأَحْكَامِ: عَلَى تَقْلِيدِ الرِّجَالِ وَآرَائِهَا. وَالْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ إِنَّمَا نَقْرَؤُهُمَا تَبَرُّكًا، لَا أَنَّا نَتَلَقَّى مِنْهُمَا أُصُولَ الدِّينِ وَلَا فُرُوعَهُ. وَمَنْ طَلَبَ ذَلِكَ وَرَامَهُ عَادَيْنَاهُ وَسَعَيْنَا فِي قَطْعِ دَابِرِهِ. وَاسْتِئْصَالِ شَأْفَتِهِ {بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هَذَا وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِنْ دُونِ ذَلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ - حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ - لَا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِنَّا لَا تُنْصَرُونَ - قَدْ كَانَتْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنْكِصُونَ - مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ - أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ - أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ - أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ - وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ - أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجًا فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ - وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ - وَإِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ} [المؤمنون: 63 - 74] .

نام کتاب : مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين نویسنده : ابن القيم    جلد : 2  صفحه : 366
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست