responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين نویسنده : ابن القيم    جلد : 2  صفحه : 365
يُؤْمَرُونَ بِهِ وَلَا رَيْبَ أَنَّهُ مِنْ أَدَبِ الْوُقُوفِ بَيْنَ يَدَيِ الْمُلُوكِ وَالْعُظَمَاءِ. فَعَظِيمُ الْعُظَمَاءِ أَحَقُّ بِهِ.
وَمِنْهَا: السُّكُونُ فِي الصَّلَاةِ. وَهُوَ الدَّوَامُ الَّذِي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ: {الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ} [المعارج: 23] . قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ: أَنَّ أَبَا الْخَيْرِ أَخْبَرَهُ قَالَ: سَأَلْنَا عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ} [المعارج: 23] أَهُمُ الَّذِينَ يُصَلُّونَ دَائِمًا؟ قَالَ: لَا. وَلَكِنَّهُ إِذَا صَلَّى لَمْ يَلْتَفِتْ عَنْ يَمِينِهِ، وَلَا عَنْ شِمَالِهِ وَلَا خَلْفَهُ.
قُلْتُ: هُمَا أَمْرَانِ. الدَّوَامُ عَلَيْهَا. وَالْمُدَاوَمَةُ عَلَيْهَا. فَهَذَا الدَّوَامُ. وَالْمُدَاوَمَةُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} [المعارج: 34] وَفُسِّرَ الدَّوَامُ بِسُكُونِ الْأَطْرَافِ وَالطُّمَأْنِينَةِ.
وَأَدَبِهِ فِي اسْتِمَاعِ الْقِرَاءَةِ: أَنْ يُلْقِيَ السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ.
وَأَدَبُهُ فِي الرُّكُوعِ: أَنْ يَسْتَوِيَ. وَيُعَظِّمَ اللَّهَ تَعَالَى، حَتَّى لَا يَكُونَ فِي قَلْبِهِ شَيْءٌ أَعْظَمُ مِنْهُ. وَيَتَضَاءَلَ وَيَتَصَاغَرَ فِي نَفْسِهِ. حَتَّى يَكُونَ أَقَلَّ مِنَ الْهَبَاءِ.
وَالْمَقْصُودُ: أَنَّ الْأَدَبَ مَعَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: هُوَ الْقِيَامُ بِدِينِهِ، وَالتَّأَدُّبُ بِآدَابِهِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا.
وَلَا يَسْتَقِيمُ لِأَحَدٍ قَطُّ الْأَدَبُ مَعَ اللَّهِ إِلَّا بِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: مَعْرِفَتُهُ بِأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ، وَمَعْرِفَتُهُ بِدِينِهِ وَشَرْعِهِ، وَمَا يُحِبُّ وَمَا يَكْرَهُ. وَنَفْسٌ مُسْتَعِدَّةٌ قَابِلَةٌ لَيِّنَةٌ، مُتَهَيِّئَةٌ لِقَبُولِ الْحَقِّ عِلْمًا وَعَمَلًا وَحَالًا. وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.

[فَصْلٌ الْأَدَبُ مَعَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]
فَصْلٌ
وَأَمَّا الْأَدَبُ مَعَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَالْقُرْآنُ مَمْلُوءٌ بِهِ.
فَرَأَسُ الْأَدَبِ مَعَهُ: كَمَالُ التَّسْلِيمِ لَهُ، وَالِانْقِيَادُ لِأَمْرِهِ. وَتَلَقِّي خَبَرِهِ بِالْقَبُولِ وَالتَّصْدِيقِ، دُونَ أَنْ يُحَمِّلَهُ مُعَارَضَةَ خَيَالٍ بَاطِلٍ، يُسَمِّيهِ مَعْقُولًا. أَوْ يُحَمِّلَهُ شُبْهَةً أَوْ شَكًّا، أَوْ يُقَدِّمَ عَلَيْهِ آرَاءَ الرِّجَالِ، وَزُبَالَاتِ أَذْهَانِهِمْ، فَيُوَحِّدُهُ بِالتَّحْكِيمِ وَالتَّسْلِيمِ، وَالِانْقِيَادِ وَالْإِذْعَانِ. كَمَا وَحَّدَ الْمُرْسِلَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِالْعِبَادَةِ وَالْخُضُوعِ وَالذُّلِّ، وَالْإِنَابَةِ وَالتَّوَكُّلِ.

نام کتاب : مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين نویسنده : ابن القيم    جلد : 2  صفحه : 365
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست