responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين نویسنده : ابن القيم    جلد : 2  صفحه : 184
إِذَا عُرِفَ هَذَا فَلْنَرْجِعْ إِلَى شَرْحِ كَلَامِهِ. قَالَ: وَبِهَذَا الرِّضَا نَطَقَ التَّنْزِيلُ.
يُشِيرُ إِلَى قَوْلِهِ: عَزَّ وَجَلَّ {قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [المائدة: 119] . وَقَالَ تَعَالَى فِي آخِرِ سُورَةِ الْمُجَادَلَةِ {وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [المجادلة: 22] وَفِي آخِرِ سُورَةِ لَمْ يَكُنِ {خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ} [البينة: 8] .
فَتَضَمَّنَتْ هَذِهِ الْآيَاتُ: جَزَاءَهُمْ عَلَى صِدْقِهِمْ وَإِيمَانِهِمْ، وَأَعْمَالِهِمُ الصَّالِحَةِ، وَمُجَاهَدَةِ أَعْدَائِهِ، وَعَدَمِ وِلَايَتِهِمْ، بِأَنْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ. فَأَرْضَاهُمْ. فَرَضُوا عَنْهُ. وَإِنَّمَا حَصَلَ لَهُمْ هَذَا بَعْدَ الرِّضَا بِهِ رَبًّا، وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا.
قَوْلُهُ: وَهُوَ الرِّضَا عَنْهُ فِي كُلِّ مَا قَضَى.
هَاهُنَا ثَلَاثَةُ أُمُورٍ: الرِّضَاءُ بِاللَّهِ، وَالرِّضَا عَنِ اللَّهِ، وَالرِّضَا بِقَضَاءِ اللَّهِ.
فَالرِّضَا بِهِ فَرْضٌ. وَالرِّضَا عَنْهُ - وَإِنْ كَانَ مِنْ أَجَلِّ الْأُمُورِ وَأَشْرَفِ أَنْوَاعِ الْعُبُودِيَّةِ - فَلَمْ يُطَالِبْ بِهِ الْعُمُومَ. لِعَجْزِهِمْ وَمَشَقَّتِهِ عَلَيْهِمْ. وَأَوْجَبَتْهُ طَائِفَةٌ كَمَا أَوْجَبُوا الرِّضَا بِهِ، وَاحْتَجُّوا بِحُجَجٍ.
مِنْهَا: أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ رَاضِيًا عَنْ رَبِّهِ فَهُوَ سَاخِطٌ عَلَيْهِ. إِذْ لَا وَاسِطَةَ بَيْنَ الرِّضَا وَالسَّخَطِ. وَسَخَطُ الْعَبْدِ عَلَى رَبِّهِ مُنَافٍ لِرِضَاهُ بِهِ رَبًّا.
قَالُوا: وَأَيْضًا فَعَدَمُ رِضَاهُ عَنْهُ يَسْتَلْزِمُ سُوءَ ظَنِّهِ بِهِ، وَمُنَازَعَتَهُ لَهُ فِي اخْتِيَارِهِ لِعَبْدِهِ، وَأَنَّ الرَّبَّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَخْتَارُ شَيْئًا وَيَرْضَاهُ فَلَا يَخْتَارُهُ الْعَبْدُ وَلَا يَرْضَاهُ، وَهَذَا مُنَافٍ لِلْعُبُودِيَّةِ.
قَالُوا: وَفِي بَعْضِ الْآثَارِ الْإِلَهِيَّةِ مَنْ لَمْ يَرْضَ بِقَضَائِي، وَلَمْ يَصْبِرْ عَلَى بَلَائِي.

نام کتاب : مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين نویسنده : ابن القيم    جلد : 2  صفحه : 184
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست