responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين نویسنده : ابن القيم    جلد : 2  صفحه : 178
وَقَوْلُهُ: وَهُوَ مِنْ أَوَائِلِ مَسَالِكِ أَهْلِ الْخُصُوصِ يَعْنِي أَنَّ سُلُوكَ أَهْلِ الْخُصُوصِ: هُوَ بِالْخُرُوجِ عَنِ النَّفْسِ، وَالْخُرُوجُ عَنِ الْإِرَادَةِ: هُوَ مَبْدَأُ الْخُرُوجِ عَنِ النَّفْسِ. فَإِذَا الرِّضَا - بِهَذَا الِاعْتِبَارِ - مِنْ أَوَائِلِ مَسَالِكِ الْخَاصَّةِ.
وَهَذَا عَلَى أَصْلِهِ فِي كَوْنِ الْفَنَاءِ غَايَةً مَطْلُوبَةً فَوْقَ الرِّضَا.
وَالصَّوَابُ: أَنَّ الرِّضَا أَجَلُّ مِنْهُ وَأَعْلَى. وَهُوَ غَايَةٌ لَا بِدَايَةٌ.
نَعَمْ فَوْقَهُ مَقَامُ الشُّكْرِ فَهُوَ مَنْزِلَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْزِلَةِ الصَّبْرِ.
وَقَوْلُهُ: وَأَشَقِّهَا عَلَى الْعَامَّةِ وَذَلِكَ لِمَشَقَّةِ الْخُرُوجِ عَنِ الْحُظُوظِ عَلَى الْعَامَّةِ، وَالرِّضَا أَوَّلُ مَا فِيهِ: الْخُرُوجُ عَنِ الْحُظُوظِ. وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

[فَصْلٌ دَرَجَاتُ الرِّضَا]
[الدَّرَجَةُ الْأُولَى رِضَا الْعَامَّةِ]
فَصْلٌ دَرَجَاتُ الرِّضَا
قَالَ: وَهُوَ عَلَى ثَلَاثِ دَرَجَاتٍ. الدَّرَجَةُ الْأُولَى: رِضَا الْعَامَّةِ. وَهُوَ الرِّضَا بِاللَّهِ رَبًّا، وَتَسَخُّطُ عِبَادَةِ مَا دُونِهِ، وَهَذَا قُطْبُ رَحَى الْإِسْلَامِ. وَهُوَ يُطَهِّرُ مِنَ الشِّرْكِ الْأَكْبَرِ.
الرِّضَا بِاللَّهِ رَبًّا: أَنْ لَا يَتَّخِذَ رَبًّا غَيْرَ اللَّهِ تَعَالَى يَسْكُنُ إِلَى تَدْبِيرِهِ. وَيُنْزِلُ بِهِ حَوَائِجَهُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ} [الأنعام: 164] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: سَيِّدًا وَإِلَهًا. يَعْنِي فَكَيْفَ أَطْلُبُ رَبًّا غَيْرَهُ، وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ؟ وَقَالَ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ {قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الأنعام: 14] يَعْنِي مَعْبُودًا وَنَاصِرًا وَمُعِينًا وَمَلْجَأً. وَهُوَ مِنَ الْمُوَالَاةِ الَّتِي تَتَضَمَّنُ الْحُبَّ وَالطَّاعَةَ. وَقَالَ فِي وَسَطِهَا {أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا} [الأنعام: 114] أَيْ: أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي مَنْ يَحْكُمُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ، فَنَتَحَاكَمَ إِلَيْهِ فِيمَا اخْتَلَفْنَا فِيهِ؟ وَهَذَا كِتَابُهُ سَيِّدُ الْحُكَّامِ، فَكَيْفَ نَتَحَاكَمُ إِلَى غَيْرِ كِتَابِهِ؟ وَقَدْ أَنْزَلَهُ مُفَصَّلًا، مُبَيَّنًا كَافِيًا شَافِيًا.
وَأَنْتَ إِذَا تَأَمَّلْتَ هَذِهِ الْآيَاتِ الثَّلَاثَ حَقَّ التَّأَمُّلِ، رَأَيْتَهَا هِيَ نَفْسَ الرِّضَا بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَسُولًا، وَرَأَيْتَ الْحَدِيثَ يُتَرْجِمُ عَنْهَا، وَمُشْتَقًّا مِنْهَا. فَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ يَرْضَى بِاللَّهِ رَبًّا، وَلَا يَبْغِي رَبًّا سِوَاهُ، لَكِنَّهُ لَا يَرْضَى بِهِ وَحْدَهُ وَلِيًّا

نام کتاب : مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين نویسنده : ابن القيم    جلد : 2  صفحه : 178
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست