responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين نویسنده : ابن القيم    جلد : 2  صفحه : 179
وَنَاصِرًا. بَلْ يُوَالِي مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ. ظَنًّا مِنْهُ أَنَّهُمْ يُقَرِّبُونَهُ إِلَى اللَّهِ، وَأَنَّ مُوَالَاتَهُمْ كَمُوَالَاةِ خَوَاصِّ الْمَلِكِ. وَهَذَا عَيْنُ الشِّرْكِ. بَلِ التَّوْحِيدُ: أَنْ لَا يَتَّخِذَ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ. وَالْقُرْآنُ مَمْلُوءٌ مِنْ وَصْفِ الْمُشْرِكِينَ بِأَنَّهُمُ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ.
وَهَذَا غَيْرُ مُوَالَاةِ أَنْبِيَائِهِ وَرُسُلِهِ، وَعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ فِيهِ. فَإِنَّ هَذَا مِنْ تَمَامِ الْإِيمَانِ وَمِنْ تَمَامِ مُوَالَاتِهِ. فَمُوَالَاةُ أَوْلِيَائِهِ لَوْنٌ وَاتِّخَاذُ الْوَلِيِّ مِنْ دُونِهِ لَوْنٌ. وَمَنْ لَمْ يَفْهَمِ الْفُرْقَانَ بَيْنَهُمَا فَلْيَطْلُبِ التَّوْحِيدَ مِنْ أَسَاسِهِ. فَإِنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ أَصْلُ التَّوْحِيدِ وَأَسَاسُهُ.
وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ يَبْتَغِي غَيْرَهُ حَكَمًا، يَتَحَاكَمُ إِلَيْهِ، وَيُخَاصِمُ إِلَيْهِ، وَيَرْضَى بِحُكْمِهِ. وَهَذِهِ الْمَقَامَاتُ الثَّلَاثُ هِيَ أَرْكَانُ التَّوْحِيدِ: أَنْ لَا يَتَّخِذَ سِوَاهُ رَبًّا، وَلَا إِلَهًا، وَلَا غَيْرَهُ حَكَمًا.
وَتَفْسِيرُ الرِّضَا بِاللَّهِ رَبًّا: أَنْ يَسْخَطَ عِبَادَةَ مَا دُونَهُ. هَذَا هُوَ الرِّضَا بِاللَّهِ رَبًّا. وَهُوَ مِنْ تَمَامِ الرِّضَا بِاللَّهِ رَبًّا. فَمَنْ أُعْطِيَ الرِّضَا بِهِ رَبًّا حَقُّهُ سُخْطُ عِبَادَةِ مَا دُونَهُ قَطْعًا. لِأَنَّ الرِّضَا بِتَجْرِيدِ رُبُوبِيَّتِهِ يَسْتَلْزِمُ تَجْرِيدَ عِبَادَتِهِ، كَمَا أَنَّ الْعِلْمَ بِتَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّةِ يَسْتَلْزِمُ الْعِلْمَ بِتَوْحِيدِ الْإِلَهِيَّةِ.
وَقَوْلُهُ: وَهُوَ قُطْبُ رَحَى الْإِسْلَامِ يَعْنِي أَنَّ مَدَارَ رَحَى الْإِسْلَامِ عَلَى أَنْ يَرْضَى الْعَبْدُ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ وَحْدَهُ، وَأَنْ يَسْخَطَ عِبَادَةَ غَيْرِهِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْعِبَادَةَ هِيَ الْحُبُّ مَعَ الذُّلِّ. فَكُلُّ مَنْ ذَلَلْتَ لَهُ وَأَطَعْتَهُ وَأَحْبَبْتَهُ دُونَ اللَّهِ، فَأَنْتَ عَابِدٌ لَهُ.
وَقَوْلُهُ: وَهُوَ يُطَهِّرُ مِنَ الشِّرْكِ الْأَكْبَرِ. يَعْنِي أَنَّ الشِّرْكَ نَوْعَانِ: أَكْبَرُ، وَأَصْغَرُ، فَهَذَا الرِّضَا يُطَهِّرُ صَاحِبَهُ مِنَ الْأَكْبَرِ. وَأَمَّا الْأَصْغَرُ: فَيُطَهِّرُ مِنْهُ نُزُولُهُ مَنْزِلَةَ {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5] .

فَصْلٌ قَالَ وَهُوَ يَصِحُّ بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ: أَنْ يَكُونَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَحَبَّ الْأَشْيَاءِ إِلَى الْعَبْدِ. وَأَوْلَى الْأَشْيَاءِ بِالتَّعْظِيمِ، وَأَحَقَّ الْأَشْيَاءِ بِالطَّاعَةِ.
يَعْنِي أَنَّ هَذَا النَّوْعَ مِنَ الرِّضَا إِنَّمَا يَصِحُّ بِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ أَيْضًا.

نام کتاب : مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين نویسنده : ابن القيم    جلد : 2  صفحه : 179
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست