responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين نویسنده : ابن القيم    جلد : 2  صفحه : 125
الْفَتَّاحِ، وَالْوَهَّابِ، وَالرَّزَّاقِ، وَالْمُعْطِي، وَالْمُحْسِنِ. وَتَعَلُّقٌ بِاسْمِ الْمُعِزِّ الْمُذِلِّ، الْخَافِضِ الرَّافِعِ، الْمَانِعِ. مِنْ جِهَةِ تَوَكُّلِهِ عَلَيْهِ فِي إِذْلَالِ أَعْدَاءِ دِينِهِ، وَخَفْضِهِمْ وَمَنْعِهِمْ أَسْبَابَ النَّصْرِ. وَتَعَلُّقٌ بِأَسْمَاءِ الْقُدْرَةِ، وَالْإِرَادَةِ وَلَهُ تَعَلُّقٌ عَامٌّ بِجَمِيعِ الْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى. وَلِهَذَا فَسَّرَهُ مَنْ فَسَّرَهُ مِنَ الْأَئِمَّةِ بِأَنَّهُ الْمَعْرِفَةُ بِاللَّهِ.
وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنَّهُ بِحَسَبِ مَعْرِفَةِ الْعَبْدِ يَصِحُّ لَهُ مَقَامُ التَّوَكُّلِ. وَكُلَّمَا كَانَ بِاللَّهِ أَعْرَفَ، كَانَ تَوَكُّلُهُ عَلَيْهِ أَقْوَى.

[فَصْلٌ الْمُتَوَكِّلُ الْمَغْبُونُ فِي تَوَكُّلِهِ]
فَصْلٌ
وَكَثِيرٌ مِنَ الْمُتَوَكِّلِينَ يَكُونُ مَغْبُونًا فِي تَوَكُّلِهِ. وَقَدْ تَوَكَّلَ حَقِيقَةَ التَّوَكُّلِ وَهُوَ مَغْبُونٌ. كَمَنْ صَرَفَ تَوَكُّلَهُ إِلَى حَاجَةٍ جُزْئِيَّةٍ اسْتَفْرَغَ فِيهَا قُوَّةَ تَوَكُّلِهِ. وَيُمْكِنُهُ نَيْلُهَا بِأَيْسَرِ شَيْءٍ، وَتَفْرِيغُ قَلْبِهِ لِلتَّوَكُّلِ فِي زِيَادَةِ الْإِيمَانِ وَالْعِلْمِ، وَنُصْرَةِ الدِّينِ، وَالتَّأْثِيرِ فِي الْعَالَمِ خَيْرًا. فَهَذَا تَوَكُّلُ الْعَاجِزِ الْقَاصِرِ الْهِمَّةِ. كَمَا يَصْرِفُ بَعْضُهُمْ هِمَّتَهُ وَتَوَكُّلَهُ، وَدُعَاءَهُ إِلَى وَجَعٍ يُمْكِنُ مُدَاوَاتُهُ بِأَدْنَى شَيْءٍ، أَوْ جُوعٍ يُمْكِنُ زَوَالُهُ بِنِصْفِ رَغِيفٍ، أَوْ نِصْفِ دِرْهَمٍ، وَيَدَعُ صَرْفَهُ إِلَى نُصْرَةِ الدِّينِ، وَقَمْعِ الْمُبْتَدِعِينَ، وَزِيَادَةِ الْإِيمَانِ، وَمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَصْلٌ تَفْسِيرُ ابْنِ الْقَيِّمِ لِمَعْنَى التَّوَكُّلِ]
فَصْلٌ
قَالَ صَاحِبُ " الْمَنَازِلِ ":
التَّوَكُّلُ:: كِلَةُ الْأَمْرِ إِلَى مَالِكِهِ، وَالتَّعْوِيلُ عَلَى وِكَالَتِهِ، وَهُوَ مِنْ أَصْعَبِ مَنَازِلِ الْعَامَّةِ عَلَيْهِمْ. وَأَوْهَى السُّبُلِ عِنْدَ الْخَاصَّةِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ تَعَالَى قَدْ وَكَلَ الْأُمُورَ كُلَّهَا إِلَى نَفْسِهِ. وَأَيْأَسَ الْعَالَمَ مَنْ مِلْكَ شَيْءٍ مِنْهَا.
قَوْلُهُ: كِلَةُ الْأَمْرِ إِلَى مَالِكِهِ. أَيْ تَسْلِيمُهُ إِلَى مَنْ هُوَ بِيَدِهِ.
وَالتَّعْوِيلُ عَلَى وَكَالَتِهِ؛ أَيْ الِاعْتِمَادُ عَلَى قِيَامِهِ بِالْأَمْرِ، وَالِاسْتِغْنَاءُ بِفِعْلِهِ عَنْ فِعْلِكَ، وَبِإِرَادَتِهِ عَنْ إِرَادَتِكَ.
وَالْوِكَالَةُ يُرَادُ بِهَا أَمْرَانِ. أَحَدُهُمَا: التَّوْكِيلُ. وَهُوَ الِاسْتِنَابَةُ وَالتَّفْوِيضُ. وَالثَّانِي: التَّوَكُّلُ. وَهُوَ التَّعَرُّفُ بِطَرِيقِ النِّيَابَةِ عَنِ الْمُوَكِّلِ. وَهَذَا مِنَ الْجَانِبَيْنِ. فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يُوَكِّلُ الْعَبْدَ وَيُقِيمُهُ فِي حِفْظِ مَا وَكَّلَهُ فِيهِ. وَالْعَبْدُ يُوكِّلُ الرَّبَّ وَيَعْتَمِدُ عَلَيْهِ.

نام کتاب : مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين نویسنده : ابن القيم    جلد : 2  صفحه : 125
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست