responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين نویسنده : ابن القيم    جلد : 2  صفحه : 109
[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ اسْتِقَامَةُ الْأَحْوَالِ]
فَصْلٌ
قَالَ: الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ: اسْتِقَامَةُ الْأَحْوَالِ. وَهِيَ شُهُودُ الْحَقِيقَةِ لَا كَسْبًا. وَرَفَضُ الدَّعْوَى لَا عِلْمًا. وَالْبَقَاءُ مَعَ نُورِ الْيَقَظَةِ لَا تَحَفُّظًا.
يَعْنِي أَنَّ اسْتِقَامَةَ الْحَالِ بِهَذِهِ الثَّلَاثَةِ.
أَمَّا شُهُودُ الْحَقِيقَةِ فَالْحَقِيقَةُ حَقِيقَتَانِ: حَقِيقَةٌ كَوْنِيَّةٌ، وَحَقِيقَةٌ دِينِيَّةٌ، يَجْمَعُهُمَا حَقِيقَةٌ ثَالِثَةٌ، وَهِيَ مَصْدَرُهُمَا وَمَنْشَؤُهُمَا، وَغَايَتُهُمَا. وَأَكْثَرُ أَرْبَابِ السُّلُوكِ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ: إِنَّمَا يُرِيدُونَ بِالْحَقِيقَةِ الْحَقِيقَةَ الْكَوْنِيَّةَ. وَشُهُودُهَا هُوَ شُهُودُ تَفَرُّدِ الرَّبِّ بِالْفِعْلِ. وَأَنَّ مَا سِوَاهُ مَحَلُّ جَرَيَانِ أَحْكَامِهِ وَأَفْعَالِهِ. فَهُوَ كَالْحَفِيرِ الَّذِي هُوَ مَحَلٌّ لِجَرَيَانِ الْمَاءِ حَسْبُ.
وَعِنْدَهُمْ أَنَّ شُهُودَ هَذِهِ الْحَقِيقَةِ وَالْفَنَاءِ فِيهَا غَايَةُ السَّالِكِينَ.
وَمِنْهُمْ مَنْ يَشْهَدُ حَقِيقَةَ الْأَزَلِيَّةِ وَالدَّوَامِ، وَفَنَاءَ الْحَادِثَاتِ وَطَيَّهَا فِي ضِمْنِ بِسَاطِ الْأَزَلِيَّةِ وَالْأَبَدِيَّةِ، وَتَلَاشِيهَا فِي ذَلِكَ. فَيَشْهَدُهَا مَعْدُومَةً، وَيَشْهَدُ تَفَرُّدَ مُوجِدِهَا بِالْوُجُودِ الْحَقِّ بِالْحَقِّ، وَأَنَّ وُجُودَ مَا سِوَاهُ رُسُومٌ وَظِلَالٌ.
فَالْأَوَّلُ: شَهِدَ تَفَرُّدَهُ بِالْأَفْعَالِ. وَهَذَا شَهِدَ تَفَرُّدَهُ بِالْوُجُودِ.
وَصَاحِبُ الْحَقِيقَةِ الدِّينِيَّةِ فِي طَوْرٍ آخَرَ. فَإِنَّهُ فِي مَشْهَدِ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ، وَالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ، وَالْمُوَالَاةِ وَالْمُعَادَاةِ، وَالْفِرَقُ بَيْنَ مَا يُحِبُّهُ اللَّهُ وَيَرْضَاهُ، وَبَيْنَ مَا يُبْغِضُهُ وَيَسْخَطُهُ. فَهُوَ فِي مَقَامِ الْفَرْقِ الثَّانِي الَّذِي لَا يَحْصُلُ لِلْعَبْدِ دَرَجَةُ الْإِسْلَامِ - فَضْلًا عَنْ مَقَامِ الْإِحْسَانِ - إِلَّا بِهِ.
فَالْمُعْرِضُ عَنْهُ صَفْحًا لَا نَصِيبَ لَهُ فِي الْإِسْلَامِ أَلْبَتَّةَ، وَهُوَ كَالَّذِي كَانَ الْجُنَيْدُ يُوصِي بِهِ أَصْحَابَهُ، فَيَقُولُ: عَلَيْكُمْ بِالْفَرْقِ الثَّانِي. وَإِنَّمَا سُمِّيَ ثَانِيًا لِأَنَّ الْفَرْقَ الْأَوَّلَ: فَرْقٌ بِالطَّبْعِ وَالنَّفْسِ. وَهَذَا فَرْقٌ بِالْأَمْرِ.
وَالْجَمْعُ أَيْضًا جَمْعَانِ: جَمْعٌ فِي فَرْقٍ، وَهُوَ جَمْعُ أَهْلِ الِاسْتِقَامَةِ وَالتَّوْحِيدِ. وَجَمْعٌ بِلَا فَرْقٍ، وَهُوَ جَمْعُ أَهْلِ الزَّنْدَقَةِ وَالْإِلْحَادِ.
فَالنَّاسُ ثَلَاثَةٌ: صَاحِبُ فَرْقٍ بِلَا جَمْعٍ، فَهُوَ مَذْمُومٌ نَاقِصٌ مَخْذُولٌ.
وَصَاحِبُ جَمْعٍ بِلَا فَرْقٍ. وَهُوَ جَمْعُ أَهْلِ الزَّنْدَقَةِ، وَالْإِلْحَادِ. فَصَاحِبُهُ مُلْحِدٌ زِنْدِيقٌ.

نام کتاب : مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين نویسنده : ابن القيم    جلد : 2  صفحه : 109
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست