responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة نویسنده : ابن الموصلي    جلد : 1  صفحه : 124
وَعَارَضُوا شَرْعَهُ وَدِينَهُ الَّذِي شَرَعَهُ لَهُمْ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ وَتَوْحِيدِهِ بِمُعَارَضَةٍ عَقْلِيَّةٍ، وَاسْتَنَدُوا فِيهَا إِلَى الْقَدَرِ، فَقَالَ تَعَالَى: {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ - قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} [الأنعام: 148 - 149] وَحَكَى مِثْلَ هَذِهِ الْمُعَارَضَةَ فِي سُورَةِ النَّحْلِ وَفِي سُورَةِ الزُّخْرُفِ، وَإِذَا تَأَمَّلْتَهَا حَقَّ التَّأَمُّلِ رَأَيْتَهَا أَقْوَى بِكَثِيرٍ مِنْ مُعَارَضَةِ آيَاتِ الصِّفَاتِ بِعُقُولِهِمْ، فَإِنَّ إِخْوَانَهُمْ عَارَضُوا بِمَشِيئَةِ اللَّهِ لِلْكَائِنَاتِ وَالْمَشِيئَةُ ثَابِتَةٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَالنُّفَاةُ عَارَضُوا بِأُصُولٍ فَاسِدَةٍ هُمْ وَضَعُوهَا مِنْ تِلْقَاءِ أَنْفُسِهِمْ، أَوْ تَلَقَّوْهُ عَنْ أَعْدَاءِ الرُّسُلِ مِنَ الصَّابِئَةِ وَالْمَجُوسِ وَالْفَلَاسِفَةِ، وَهِيَ خَيَالَاتٌ فَاسِدَةٌ.

[معارضة العقل للشرع من عادة الكفار]
وَبِالْجُمْلَةِ فَمُعَارَضَةُ أَمْرِ الرُّسُلِ أَوْ خَبَرِهِمْ بِالْمَعْقُولَاتِ إِنَّمَا هِيَ طَرِيقَةُ الْكُفَّارِ، فَهُمْ سَلَفُ الْخَلْقِ بَعْدَهُمْ، فَبِئْسَ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ، وَمَنْ تَأْمَّلَ مُعَارَضَةَ الْمُشْرِكِينَ لِلرُّسُلِ بِالْعُقُولِ وَجَدَهَا أَقْوَى مِنْ مُعَارَضَةِ الْجَهْمِيَّةِ وَالنُّفَاةِ لَخَبَرِهِمْ عَنِ اللَّهِ وَصِفَاتِهِ وَعُلُوِّهِ عَلَى خَلْقِهِ، وَتَكْلِيمِهِ لِمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ بِعُقُولِهِمْ، فَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ الْمُعَارَضَةُ بَاطِلَةً فَهَذِهِ أَبْطَلُ وَأَبْطَلُ، وَإِنْ صَحَّتْ هَذِهِ الْمُعَارَضَةُ فَتِلْكَ أَوْلَى بِالصِّحَّةِ مِنْهَا وَهَذَا لَا مَحِيدَ لَهُمْ عَنْهُ، يُوَضِّحُهُ:
التَّاسِعَ عَشَرَ: أَنَّ الْقُرْآنَ مَمْلُوءٌ مِنْ ذِكْرِ الصِّفَاتِ وَالْعُلُوِّ عَلَى الْخَلْقِ وَالِاسْتِوَاءِ عَلَى الْعَرْشِ، وَتَكَلُّمِ اللَّهِ وَتَكْلِيمِهِ لِلرُّسُلِ وَاثَبَاتِ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ وَالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالْحَيَاةِ وَالْمَحَبَّةِ وَالْغَضَبِ وَالرِّضَا لِلرَّبِّ سُبْحَانَهُ، وَهَذَا عِنْدَ النُّفَاةِ مِثْلُ وَصْفِهِ بِالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْجُوعِ وَالْعَطَشِ وَالنَّوْمِ، كُلُّ ذَلِكَ مُسْتَحِيلٌ عَلَيْهِ تَعَالَى مِنْ أَعْظَمِ الْمُنَفِّرَاتِ عَنْهُ، وَمُعَارَضَتُهُ فِيهِ أَسْهَلُ مِنْ مُعَارَضَتِهِ فِيمَا عَدَاهُ، وَلَمْ يُعَارِضْهُ أَعْدَاؤُهُ فِي حَرْفٍ وَاحِدٍ مِنْ هَذَا الْبَابِ مَعَ حِرْصِهِمْ عَلَى مُعَارَضَتِهِ بِكُلِّ مَا يَقْدِرُونَ عَلَيْهِ، فَهَلَّا عَارَضُوهُ بِمَا عَارَضَتْهُ بِهِ الْجَهْمِيَّةُ وَالنُّفَاةُ، وَقَالُوا: قَدْ أَخْبَرْتَنَا بِمَا يُخَالِفُ الْعَقْلَ الصَّرِيحَ، فَكَيْفَ يُمْكِنُنَا تَصْدِيقُكَ؟ بَلْ كَانَ الْقَوْمُ عَلَى شِرْكِهِمْ وَضَلَالِهِمْ أَعْرَفُ بِاللَّهِ وَبِصِفَاتِهِ مِنَ النُّفَاةِ وَالْجَهْمِيَّةِ، وَأَقْرَبُ إِلَى إِثْبَاتِ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ وَالْقَدَرِ وَالْمَشِيئَةِ وَالْفِعْلِ مِنْ شُيُوخِ هَؤُلَاءِ الْفَلَاسِفَةِ وَأَتْبَاعِهِمْ مِنَ السِّينَاوِيَّةِ وَالْفَارَابِيَّةِ وَالطُّوسِيَّةِ.

نام کتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة نویسنده : ابن الموصلي    جلد : 1  صفحه : 124
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست