responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : زاد المعاد في هدي خير العباد نویسنده : ابن القيم    جلد : 5  صفحه : 89
وَأَمَّا مُوَافَقَةُ هَذَا الْقَوْلِ لِأَمْرِهِ فَإِنْ قَالَ: " وَالْبِكْرُ تُسْتَأْذَنُ "، وَهَذَا أَمْرٌ مُؤَكَّدٌ؛ لِأَنَّهُ وَرَدَ بِصِيغَةِ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى تَحَقُّقِ الْمُخْبَرِ بِهِ وَثُبُوتِهِ وَلُزُومِهِ، وَالْأَصْلُ فِي أَوَامِرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَكُونَ لِلْوُجُوبِ مَا لَمْ يَقُمْ إِجْمَاعٌ عَلَى خِلَافِهِ.
وَأَمَّا مُوَافَقَتُهُ لِنَهْيِهِ فَلِقَوْلِهِ: ( «لَا تُنْكَحُ الْبِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ» ) فَأَمَرَ وَنَهَى، وَحَكَمَ بِالتَّخْيِيرِ، وَهَذَا إِثْبَاتٌ لِلْحُكْمِ بِأَبْلَغِ الطُّرُقِ.
وَأَمَّا مُوَافَقَتُهُ لِقَوَاعِدِ شِرْعِهِ، فَإِنَّ الْبِكْرَ الْبَالِغَةَ الْعَاقِلَةَ الرَّشِيدَةَ لَا يَتَصَرَّفُ أَبُوهَا فِي أَقَلِّ شَيْءٍ مِنْ مَالِهَا إِلَّا بِرِضَاهَا، وَلَا يُجْبِرُهَا عَلَى إِخْرَاجِ الْيَسِيرِ مِنْهُ بِدُونِ رِضَاهَا، فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُرِقَّهَا، وَيُخْرِجَ بُضْعَهَا مِنْهَا بِغَيْرِ رِضَاهَا إِلَى مَنْ يُرِيدُهُ هُوَ، وَهِيَ مِنْ أَكْرَهِ النَّاسِ فِيهِ، أَبْغَضُ شَيْءٍ إِلَيْهَا؟ وَمَعَ هَذَا فَيُنْكِحُهَا إِيَّاهُ قَهْرًا بِغَيْرِ رِضَاهَا إِلَى مَنْ يُرِيدُهُ، وَيَجْعَلُهَا أَسِيرَةً عِنْدَهُ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ: ( «اتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ، فَإِنَّهُنَّ عَوَانٍ عِنْدَكُمْ» ) أَيْ: أَسْرَى، وَمَعْلُومٌ أَنَّ إِخْرَاجَ مَالِهَا كُلِّهِ بِغَيْرِ رِضَاهَا أَسْهَلُ عَلَيْهَا مِنْ تَزْوِيجِهَا بِمَنْ لَا تَخْتَارُهُ بِغَيْرِ رِضَاهَا، وَلَقَدْ أَبْطَلَ مَنْ قَالَ: إِنَّهَا إِذَا عَيَّنَتْ كُفْئًا تُحِبُّهُ، وَعَيَّنَ أَبُوهَا كُفْئًا، فَالْعِبْرَةُ بِتَعْيِينِهِ وَلَوْ كَانَ بَغِيضًا إِلَيْهَا قَبِيحَ الْخِلْقَةِ.
وَأَمَّا مُوَافَقَتُهُ لِمَصَالِحِ الْأُمَّةِ، فَلَا يَخْفَى مَصْلَحَةُ الْبِنْتِ فِي تَزْوِيجِهَا بِمَنْ تَخْتَارُهُ وَتَرْضَاهُ، وَحُصُولُ مَقَاصِدِ النِّكَاحِ لَهَا بِهِ، وَحُصُولُ ضِدِّ ذَلِكَ بِمَنْ تُبْغِضُهُ وَتَنْفِرُ عَنْهُ، فَلَوْ لَمْ تَأْتِ السُّنَّةُ الصَّرِيحَةُ بِهَذَا الْقَوْلِ لَكَانَ الْقِيَاسُ الصَّحِيحُ وَقَوَاعِدُ الشَّرِيعَةِ لَا تَقْتَضِي غَيْرَهُ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ حَكَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْفَرْقِ بَيْنَ الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ، وَقَالَ: ( «وَلَا تُنْكَحُ الْأَيِّمُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ، وَلَا تُنْكَحُ الْبِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ» ) ، وَقَالَ: ( «الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا

نام کتاب : زاد المعاد في هدي خير العباد نویسنده : ابن القيم    جلد : 5  صفحه : 89
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست