responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : زاد المعاد في هدي خير العباد نویسنده : ابن القيم    جلد : 5  صفحه : 738
الثَّانِي: إِنْ قُلْنَا: إِنَّهُ لَا أَرْشَ لِمُمْسِكٍ لَهُ الرَّدُّ، لَمْ يَلْزَمْ سُقُوطُ الْأَرْشِ فِي الْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّهُ قَدِ اسْتَوْفَى بَعْضَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، فَلَمْ يُمْكِنْهُ رَدُّ الْمَنْفَعَةِ كَمَا قَبَضَهَا؛ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ عَلَيْهِ ضَرَرٌ فِي رَدِّ بَاقِي الْمَنْفَعَةِ، وَقَدْ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ، فَقَدْ لَا يَجِدُ بُدًّا مِنَ الْإِمْسَاكِ، فَإِلْزَامُهُ بِجَمِيعِ الْأُجْرَةِ مَعَ الْعَيْبِ الْمُنْقِصِ ظَاهِرًا، وَمَنْعُهُ مِنِ اسْتِدْرَاكِ ظِلَامَتِهِ إِلَّا بِالْفَسْخِ ضَرَرٌ عَلَيْهِ، وَلَا سِيَّمَا لِمُسْتَأْجِرِ الزَّرْعِ وَالْغَرْسِ وَالْبِنَاءِ، أَوْ مُسْتَأْجِرِ دَابَّةٍ لِلسَّفَرِ فَتَتَعَيَّبُ فِي الطَّرِيقِ، فَالصَّوَابُ: أَنَّهُ لَا أَرْشَ فِي الْمَبِيعِ لِمُمْسِكٍ لَهُ الرَّدُّ، وَأَنَّهُ فِي الْإِجَارَةِ لَهُ الْأَرْشُ.
وَالَّذِي يُوَضِّحُ هَذَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَكَمَ بِوَضْعِ الْجَوَائِحِ، وَهِيَ أَنْ يَسْقُطَ عَنْ مُشْتَرِي الثِّمَارِ مِنَ الثَّمَرَةِ، بِقَدْرِ مَا أَذْهَبَتْ عَلَيْهِ الْجَائِحَةُ مِنْ ثَمَرَتِهِ، وَيُمْسِكَ الْبَاقِيَ بِقِسْطِهِ مِنَ الثَّمَنِ؛ وَهَذَا لِأَنَّ الثِّمَارَ لَمْ تَسْتَكْمِلْ صَلَاحَهَا دَفْعَةً وَاحِدَةً، وَلَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِأَخْذِهَا جُمْلَةً وَاحِدَةً، وَإِنَّمَا تُؤْخَذُ شَيْئًا فَشَيْئًا، فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الْمَنَافِعِ فِي الْإِجَارَةِ سَوَاءٌ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمُصَرَّاةِ خَيَّرَ الْمُشْتَرِيَ بَيْنَ الرَّدِّ وَبَيْنَ الْإِمْسَاكِ بِلَا أَرْشٍ، وَفِي الثِّمَارِ جَعَلَ لَهُ الْإِمْسَاكَ مَعَ الْأَرْشِ، وَالْفَرْقُ مَا ذَكَرْنَاهُ، وَالْإِجَارَةُ أَشْبَهُ بِبَيْعِ الثِّمَارِ، وَقَدْ ظَهَرَ اعْتِبَارُ هَذَا الشَّبَهِ فِي وَضْعِ الشَّارِعِ الْجَائِحَةَ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ.
فَإِنْ قِيلَ: فَالْمَنَافِعُ لَا تُوضَعُ فِيهَا الْجَائِحَةُ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ.
قِيلَ: لَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ وَضْعِ الْجَوَائِحِ فِي الْمَنَافِعِ، وَمَنْ ظَنَّ ذَلِكَ فَقَدْ وَهِمَ، قَالَ شَيْخُنَا: وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ وَضْعِ الْجَائِحَةِ فِي الْمَبِيعِ كَمَا فِي الثَّمَرِ الْمُشْتَرَى، بَلْ هُوَ مِنْ بَابِ تَلَفِ الْمَنْفَعَةِ الْمَقْصُودَةِ بِالْعَقْدِ أَوْ فَوَاتِهَا.
وَقَدِ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْمَنْفَعَةَ فِي الْإِجَارَةِ إِذَا تَلِفَتْ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنِ اسْتِيفَائِهَا، فَإِنَّهُ لَا تَجِبُ الْأُجْرَةُ مِثْلَ أَنْ يَسْتَأْجِرَ حَيَوَانًا فَيَمُوتُ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ قَبْضِهِ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ أَنْ يَشْتَرِيَ قَفِيزًا مِنْ صُبْرَةٍ فَتَتْلَفَ الصَّبْرَةُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَالتَّمْيِيزِ، فَإِنَّهُ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ بِلَا نِزَاعٍ؛ وَلِهَذَا لَوْ لَمْ يَتَمَكَّنِ الْمُسْتَأْجِرُ مِنَ ازْدِرَاعِ الْأَرْضِ لِآفَةٍ حَصَلَتْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ الْأُجْرَةُ.

نام کتاب : زاد المعاد في هدي خير العباد نویسنده : ابن القيم    جلد : 5  صفحه : 738
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست