responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : زاد المعاد في هدي خير العباد نویسنده : ابن القيم    جلد : 5  صفحه : 719
كَمَا ظَنُّوهُ، فَإِنَّ السَّلَمَ يَرِدُ عَلَى أَمْرٍ مَضْمُونٍ فِي الذِّمَّةِ، ثَابِتٍ فِيهَا، مَقْدُورٍ عَلَى تَسْلِيمِهِ عِنْدَ مَحِلِّهِ، وَلَا غَرَرَ فِي ذَلِكَ وَلَا خَطَرَ، بَلْ هُوَ جَعْلُ الْمَالِ فِي ذِمَّةِ الْمُسَلَمِ إِلَيْهِ، يَجِبُ عَلَيْهِ أَدَاؤُهُ عِنْدَ مَحِلِّهِ، فَهُوَ يُشْبِهُ تَأْجِيلَ الثَّمَنِ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي، فَهَذَا شَغْلٌ لِذِمَّةِ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ الْمَضْمُونِ، وَهَذَا شَغْلٌ لِذِمَّةِ الْبَائِعِ بِالْمَبِيعِ الْمَضْمُونِ، فَهَذَا لَوْنٌ وَبَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ لَوْنٌ، وَرَأَيْتُ لِشَيْخِنَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَصْلًا مُفِيدًا وَهَذِهِ سِيَاقَتُهُ.

قَالَ: لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَقْوَالٌ قِيلَ: الْمُرَادُ بِذَلِكَ أَنْ يَبِيعَ السِّلْعَةَ الْمُعَيَّنَةَ الَّتِي هِيَ مَالُ الْغَيْرِ، فَيَبِيعُهَا، ثُمَّ يَتَمَلَّكُهَا، وَيُسَلِّمُهَا إِلَى الْمُشْتَرِي، وَالْمَعْنَى: لَا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ مِنَ الْأَعْيَانِ، وَنُقِلَ هَذَا التَّفْسِيرُ عَنِ الشَّافِعِيِّ، فَإِنَّهُ يُجَوِّزُ السَّلَمَ الْحَالَّ، وَقَدْ لَا يَكُونُ عِنْدَ الْمُسَلَمِ إِلَيْهِ مَا بَاعَهُ، فَحَمَلَهُ عَلَى بَيْعِ الْأَعْيَانِ؛ لِيَكُونَ بَيْعُ مَا فِي الذِّمَّةِ غَيْرَ دَاخِلٍ تَحْتَهُ سَوَاءٌ كَانَ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا.
وَقَالَ آخَرُونَ: هَذَا ضَعِيفٌ جِدًّا، فَإِنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ مَا كَانَ يَبِيعُ شَيْئًا مُعَيَّنًا هُوَ مِلْكٌ لِغَيْرِهِ، ثُمَّ يَنْطَلِقُ فَيَشْتَرِيهِ مِنْهُ، وَلَا كَانَ الَّذِينَ يَأْتُونَهُ يَقُولُونَ: نَطْلُبُ عَبْدَ فُلَانٍ، وَلَا دَارَ فُلَانٍ، وَإِنَّمَا الَّذِي يَفْعَلُهُ النَّاسُ أَنْ يَأْتِيَهُ الطَّالِبُ، فَيَقُولُ: أُرِيدُ طَعَامًا كَذَا وَكَذَا، أَوْ ثَوْبًا كَذَا وَكَذَا، أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ، فَيَقُولُ: نَعَمْ أُعْطِيكَ، فَيَبِيعُهُ مِنْهُ، ثُمَّ يَذْهَبُ، فَيُحَصِّلُهُ مِنْ عِنْدِ غَيْرِهِ إِذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ، هَذَا هُوَ الَّذِي يَفْعَلُهُ مَنْ يَفْعَلُهُ مِنَ النَّاسِ، وَلِهَذَا قَالَ: " يَأْتِينِي فَيَطْلُبُ مِنِّي الْمَبِيعَ لَيْسَ عِنْدِي " لَمْ يَقُلْ يَطْلُبُ مِنِّي مَا هُوَ مَمْلُوكٌ لِغَيْرِي، فَالطَّالِبُ طَلَبَ الْجِنْسَ لَمْ يَطْلُبْ شَيْئًا مُعَيَّنًا، كَمَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ الطَّالِبِ لِمَا يُؤْكَلُ وَيُلْبَسُ وَيُرْكَبُ، إِنَّمَا يَطْلُبُ جِنْسَ ذَلِكَ، لَيْسَ لَهُ غَرَضٌ فِي مِلْكِ شَخْصٍ بِعَيْنِهِ دُونَ مَا سِوَاهُ، مِمَّا هُوَ مِثْلُهُ أَوْ خَيْرٌ مِنْهُ، وَلِهَذَا صَارَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَطَائِفَةٌ إِلَى الْقَوْلِ الثَّانِي، فَقَالُوا: الْحَدِيثُ عَلَى عُمُومِهِ يَقْتَضِي النَّهْيَ عَنْ بَيْعِ مَا فِي الذِّمَّةِ إِذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ، وَهُوَ يَتَنَاوَلُ النَّهْيَ عَنِ السَّلَمِ إِذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ، لَكِنْ جَاءَتِ الْأَحَادِيثُ بِجَوَازِ السَّلَمِ الْمُؤَجَّلِ، فَبَقِيَ هَذَا فِي السَّلَمِ الْحَالِّ.
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ - وَهُوَ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ -: إِنَّ الْحَدِيثَ لَمْ يَرِدْ بِهِ النَّهْيُ عَنِ

نام کتاب : زاد المعاد في هدي خير العباد نویسنده : ابن القيم    جلد : 5  صفحه : 719
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست