responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : زاد المعاد في هدي خير العباد نویسنده : ابن القيم    جلد : 5  صفحه : 676
[فصل تَحْرِيمُ الشَّيْءِ تَحْرِيمٌ لِثَمَنِهِ]
فَصْلٌ
وَفِي قَوْلِهِ: ( «إِنَّ اللَّهَ إِذَا حَرَّمَ شَيْئًا أَوْ حَرَّمَ أَكْلَ شَيْءٍ حَرَّمَ ثَمَنَهُ» ) ، يُرَادُ بِهِ أَمْرَانِ، أَحَدُهُمَا: مَا هُوَ حَرَامُ الْعَيْنِ وَالِانْتِفَاعِ جُمْلَةً، كَالْخَمْرِ، وَالْمَيْتَةِ، وَالدَّمِ، وَالْخِنْزِيرِ، وَآلَاتِ الشِّرْكِ، فَهَذِهِ ثَمَنُهَا حَرَامٌ كَيْفَمَا اتَّفَقَتْ.
وَالثَّانِي: مَا يُبَاحُ الِانْتِفَاعُ بِهِ فِي غَيْرِ الْأَكْلِ، وَإِنَّمَا يَحْرُمُ أَكْلُهُ كَجِلْدِ الْمَيْتَةِ بَعْدَ الدِّبَاغِ، وَكَالْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ، وَالْبِغَالِ وَنَحْوِهَا مِمَّا يَحْرُمُ أَكْلُهُ دُونَ الِانْتِفَاعِ بِهِ، فَهَذَا قَدْ يُقَالُ: إِنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي الْحَدِيثِ، وَإِنَّمَا يَدْخُلُ فِيهِ مَا هُوَ حَرَامٌ عَلَى الْإِطْلَاقِ. وَقَدْ يُقَالُ: إِنَّهُ دَاخِلٌ فِيهِ، وَيَكُونُ تَحْرِيمُ ثَمَنِهِ إِذَا بِيعَ لِأَجْلِ الْمَنْفَعَةِ الَّتِي حَرُمَتْ مِنْهُ، فَإِذَا بِيعَ الْبَغْلُ وَالْحِمَارُ لِأَكْلِهِمَا، حَرُمَ ثَمَنُهُمَا بِخِلَافِ مَا إِذَا بِيعَا لِلرُّكُوبِ وَغَيْرِهِ، وَإِذَا بِيعَ جِلْدُ الْمَيْتَةِ لِلِانْتِفَاعِ بِهِ، حَلَّ ثَمَنُهُ. وَإِذَا بِيعَ لِأَكْلِهِ، حَرُمَ ثَمَنُهُ، وَطَرْدُ هَذَا مَا قَالَهُ جُمْهُورٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ، كأحمد، ومالك وَأَتْبَاعِهِمَا: إِنَّهُ إِذَا بِيعَ الْعِنَبُ لِمَنْ يَعْصِرُهُ خَمْرًا، حَرُمَ أَكْلُ ثَمَنِهِ. بِخِلَافِ مَا إِذَا بِيعَ لِمَنْ يَأْكُلُهُ، وَكَذَلِكَ السِّلَاحُ إِذَا بِيعَ لِمَنْ يُقَاتِلُ بِهِ مُسْلِمًا، حَرُمَ أَكْلُ ثَمَنِهِ، وَإِذَا بِيعَ لِمَنْ يَغْزُو بِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَثَمَنُهُ مِنَ الطَّيِّبَاتِ، وَكَذَلِكَ ثِيَابُ الْحَرِيرِ إِذَا بِيعَتْ لِمَنْ يَلْبَسُهَا مِمَّنْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ، حَرُمَ أَكْلُ ثَمَنِهَا بِخِلَافِ بَيْعِهَا مِمَّنْ يَحِلُّ لَهُ لُبْسُهَا.
فَإِنْ قِيلَ: فَهَلْ تُجَوِّزُونَ لِلْمُسْلِمِ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ مِنَ الذِّمِّيِّ لِاعْتِقَادِ الذِّمِّيِّ حِلَّهُمَا، كَمَا جَوَّزْتُمْ بَيْعَهُ الدُّهْنَ الْمُتَنَجِّسَ إِذَا بَيَّنَ حَالَهُ لِاعْتِقَادِهِ طَهَارَتَهُ وَحِلَّهُ؟ قِيلَ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ، وَثَمَنُهُ حَرَامٌ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا: أَنَّ الدُّهْنَ الْمُتَنَجِّسَ عَيْنٌ طَاهِرَةٌ خَالَطَهَا نَجَاسَةٌ وَيُسَوَّغُ فِيهَا النِّزَاعُ. وَقَدْ ذَهَبَتْ طَائِفَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ إِلَى أَنَّهُ لَا يَنْجَسُ إِلَّا بِالتَّغَيُّرِ. وَإِنْ تَغَيَّرَ، فَذَهَبَ طَائِفَةٌ إِلَى إِمْكَانِ تَطْهِيرِهِ بِالْغَسْلِ، بِخِلَافِ الْعَيْنِ الَّتِي حَرَّمَهَا اللَّهُ فِي كُلِّ مِلَّةٍ، وَعَلَى لِسَانِ كُلِّ رَسُولٍ، كَالْمَيْتَةِ، وَالدَّمِ وَالْخِنْزِيرِ، فَإِنَّ اسْتِبَاحَتَهُ مُخَالِفَةٌ لِمَا أَجْمَعَتِ الرُّسُلُ عَلَى تَحْرِيمِهِ، وَإِنِ اعْتَقَدَ الْكَافِرُ حِلَّهُ، فَهُوَ كَبَيْعِ الْأَصْنَامِ لِلْمُشْرِكِينَ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي حَرَّمَهُ اللَّهُ

نام کتاب : زاد المعاد في هدي خير العباد نویسنده : ابن القيم    جلد : 5  صفحه : 676
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست