responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : زاد المعاد في هدي خير العباد نویسنده : ابن القيم    جلد : 5  صفحه : 544
قَبْلَ الْحَيْضَةِ، كَذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَقَالَ: قَوْلُهُمْ: إِنَّ اسْتِبْرَاءَ الْأَمَةِ حَيْضَةٌ بِإِجْمَاعٍ لَيْسَ كَمَا ظَنُّوا، بَلْ جَائِزٌ لَهَا عِنْدَنَا أَنْ تَنْكِحَ إِذَا دَخَلَتْ فِي الْحَيْضَةِ، وَاسْتَيْقَنَتْ أَنَّ دَمَهَا دَمُ حَيْضٍ، كَذَلِكَ قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ لِيَحْيَى بْنِ أَكْثَمَ حِينَ أُدْخِلَ عَلَيْهِ فِي مُنَاظَرَتِهِ إِيَّاهُ.
قُلْنَا: هَذَا يَرُدُّهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُوطَأُ الْحَامِلُ حَتَّى تَضَعَ وَلَا حَائِلٌ حَتَّى تُسْتَبْرَأَ بِحَيْضَةٍ»
وَأَيْضًا فَالْمَقْصُودُ الْأَصْلِيُّ مِنَ الْعِدَّةِ إِنَّمَا هُوَ اسْتِبْرَاءُ الرَّحِمِ، وَإِنْ كَانَ لَهَا فَوَائِدُ أُخَرُ، وَلِشَرَفِ الْحُرَّةِ الْمَنْكُوحَةِ وَخَطَرِهَا، جُعِلَ الْعَلَمُ الدَّالُّ عَلَى بَرَاءَةِ رَحِمِهَا ثَلَاثَةَ أَقْرَاءٍ، فَلَوْ كَانَ الْقُرْءُ: هُوَ الطُّهْرَ، لَمْ تَحْصُلْ بِالْقُرْءِ الْأَوَّلِ دَلَالَةٌ، فَإِنَّهُ لَوْ جَامَعَهَا فِي الطُّهْرِ، ثُمَّ طَلَّقَهَا، ثُمَّ حَاضَتْ كَانَ ذَلِكَ قُرْءًا مَحْسُوبًا مِنَ الْأَقْرَاءِ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ: الْأَقْرَاءُ الْأَطْهَارُ. وَمَعْلُومٌ: أَنَّ هَذَا لَمْ يَدُلَّ عَلَى شَيْءٍ، وَإِنَّمَا الَّذِي يَدُلُّ عَلَى الْبَرَاءَةِ الْحَيْضُ الْحَاصِلُ بَعْدَ الطَّلَاقِ، وَلَوْ طَلَّقَهَا فِي طُهْرٍ، لَمْ يُصِبْهَا فِيهِ، فَإِنَّمَا يُعْلَمُ هُنَا بَرَاءَةُ الرَّحِمِ بِالْحَيْضِ الْمَوْجُودِ قَبْلَ الطَّلَاقِ، وَالْعِدَّةُ لَا تَكُونُ قَبْلَ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهَا حُكْمُهُ، وَالْحُكْمُ لَا يَسْبِقُ سَبَبَهُ، فَإِذَا كَانَ الطُّهْرُ الْمَوْجُودُ بَعْدَ الطَّلَاقِ لَا دَلَالَةَ لَهُ عَلَى الْبَرَاءَةِ أَصْلًا، لَمْ يَجُزْ إِدْخَالُهُ فِي الْعِدَدِ الدَّالَّةِ عَلَى بَرَاءَةِ الرَّحِمِ، وَكَانَ مَثَلُهُ كَمَثَلِ شَاهِدٍ غَيْرِ مَقْبُولٍ، وَلَا يَجُوزُ تَعْلِيقُ الْحُكْمِ بِشَهَادَةِ شَاهِدٍ لَا شَهَادَةَ لَهُ، يُوَضِّحُهُ أَنَّ الْعِدَّةَ فِي الْمَنْكُوحَاتِ، كَالِاسْتِبْرَاءِ فِي الْمَمْلُوكَاتِ.
وَقَدْ ثَبَتَ بِصَرِيحِ السُّنَّةِ أَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ بِالْحَيْضِ لَا بِالطُّهْرِ، فَكَذَلِكَ الْعِدَّةُ إِذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا إِلَّا بِتَعَدُّدِ الْعِدَّةِ، وَالِاكْتِفَاءِ بِالِاسْتِبْرَاءِ بِقُرْءِ وَاحِدٍ، وَهَذَا لَا يُوجِبُ اخْتِلَافَهُمَا فِي حَقِيقَةِ الْقُرْءِ، وَإِنَّمَا يَخْتَلِفَانِ فِي الْقَدْرِ الْمُعْتَبَرِ مِنْهُمَا؛ وَلِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ عَنْهُ: إِنَّ اسْتِبْرَاءَ الْأَمَةِ يَكُونُ بِالْحَيْضِ، وَفَرَّقَ أَصْحَابُهُ بَيْنَ الْبَابَيْنِ، بِأَنَّ الْعِدَّةَ وَجَبَتْ قَضَاءً لِحَقِّ الزَّوْجِ، فَاخْتُصَّتْ بِأَزْمَانِ حَقِّهِ، وَهِيَ أَزْمَانُ الطُّهْرِ، وَبِأَنَّهَا تَتَكَرَّرُ، فَتُعْلَمُ مَعَهَا الْبَرَاءَةُ بِتَوَسُّطِ

نام کتاب : زاد المعاد في هدي خير العباد نویسنده : ابن القيم    جلد : 5  صفحه : 544
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست