responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : زاد المعاد في هدي خير العباد نویسنده : ابن القيم    جلد : 5  صفحه : 524
كَلَامٌ بَاطِلٌ، فَإِنَّهُ لَا يُعْهَدُ ذُو لِحْيَةٍ قَطُّ يُشْبِعُهُ رَضَاعُ الْمَرْأَةِ وَيَطْرُدُ عَنْهُ الْجُوعَ، بِخِلَافِ الصَّغِيرِ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَا يَقُومُ مَقَامَ اللَّبَنِ، فَهُوَ يَطْرُدُ عَنْهُ الْجُوعَ، فَالْكَبِيرُ لَيْسَ ذَا مَجَاعَةٍ إِلَى اللَّبَنِ أَصْلًا، وَالَّذِي يُوَضِّحُ هَذَا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُرِدْ حَقِيقَةَ الْمَجَاعَةِ، وَإِنَّمَا أَرَادَ مَظِنَّتَهَا وَزَمَنَهَا، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ الصِّغَرُ، فَإِنْ أَبَيْتُمْ إِلَّا الظَّاهِرِيَّةَ، وَأَنَّهُ أَرَادَ حَقِيقَتَهَا، لَزِمَكُمْ أَنْ لَا يُحَرِّمَ رَضَاعُ الْكَبِيرِ إِلَّا إِذَا ارْتَضَعَ وَهُوَ جَائِعٌ، فَلَوِ ارْتَضَعَ وَهُوَ شَبْعَانُ لَمْ يُؤَثِّرْ شَيْئًا.
وَأَمَّا حَدِيثُ السِّتْرِ الْمَصُونِ، وَالْحُرْمَةِ الْعَظِيمَةِ، وَالْحِمَى الْمَنِيعِ، فَرَضِيَ اللَّهُ عَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، فَإِنَّهَا وَإِنْ رَأَتْ أَنَّ هَذَا الرَّضَاعَ يُثْبِتُ الْمَحْرَمِيَّةَ، فَسَائِرُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخَالِفْنَهَا فِي ذَلِكَ، وَلَا يَرَيْنَ دُخُولَ هَذَا السِّتْرِ الْمَصُونِ، وَالْحِمَى الرَّفِيعِ بِهَذِهِ الرَّضَاعَةِ، فَهِيَ مَسْأَلَةُ اجْتِهَادٍ، وَأَحَدُ الْحِزْبَيْنِ مَأْجُورٌ أَجْرًا وَاحِدًا، وَالْآخَرُ مَأْجُورٌ أَجْرَيْنِ، وَأَسْعَدُهُمَا بِالْأَجْرَيْنِ مَنْ أَصَابَ حُكْمَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ فِي هَذِهِ الْوَاقِعَةِ، فَكُلٌّ مِنَ الْمُدْخِلِ لِلسِّتْرِ الْمَصُونِ بِهَذِهِ الرَّضَاعَةِ، وَالْمَانِعِ مِنَ الدُّخُولِ فَائِزٌ بِالْأَجْرِ، مُجْتَهِدٌ فِي مَرْضَاةِ اللَّهِ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ، وَتَنْفِيذِ حُكْمِهِ، وَلَهُمَا أُسْوَةٌ بِالنَّبِيَّيْنِ الْكَرِيمَيْنِ - دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ اللَّذَيْنِ أَثْنَى اللَّهُ عَلَيْهِمَا بِالْحِكْمَةِ وَالْحُكْمِ، وَخَصَّ بِفَهْمِ الْحُكُومَةِ أَحَدَهُمَا.

[فصل تَقْوِيَةُ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ]
فَصْلٌ وَأَمَّا رَدُّكُمْ لِحَدِيثِ أم سلمة، فَتَعَسُّفٌ بَارِدٌ، فَلَا يَلْزَمُ انْقِطَاعُ الْحَدِيثِ مِنْ أَجْلِ أَنَّ فاطمة بنت المنذر لَقِيَتْ أم سلمة صَغِيرَةً، فَقَدْ يَعْقِلُ الصَّغِيرُ جِدًّا أَشْيَاءَ، وَيَحْفَظُهَا، وَقَدْ عَقَلَ مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ الْمَجَّةَ وَهُوَ ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ، وَيَعْقِلُ أَصْغَرُ مِنْهُ.
وَقَدْ قُلْتُمْ: إِنَّ فاطمة كَانَتْ وَقْتَ وَفَاةِ أم سلمة بِنْتَ إِحْدَى عَشْرَةَ سَنَةً، وَهَذَا سِنٌّ جَيِّدٌ، لَا سِيَّمَا لِلْمَرْأَةِ، فَإِنَّهَا تَصْلُحُ فِيهِ لِلزَّوْجِ، فَمَنْ هِيَ فِي حَدِّ الزَّوَاجِ، كَيْفَ يُقَالُ: إِنَّهَا لَا تَعْقِلُ مَا تَسْمَعُ، وَلَا تَدْرِي مَا تُحَدِّثُ بِهِ؟ هَذَا هُوَ الْبَاطِلُ الَّذِي

نام کتاب : زاد المعاد في هدي خير العباد نویسنده : ابن القيم    جلد : 5  صفحه : 524
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست