responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : زاد المعاد في هدي خير العباد نویسنده : ابن القيم    جلد : 5  صفحه : 522
نِسَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا تَذْكُرُهُ لَهَا وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ.

[رَدُّ حَدِيثِ سَهْلَةَ بِالْخُصُوصِيَّةِ بِسَالِمٍ]
الْمَسْلَكُ الثَّانِي: أَنَّهُ مَخْصُوصٌ بسالم دُونَ مَنْ عَدَاهُ، وَهَذَا مَسْلَكُ أم سلمة وَمَنْ مَعَهَا مِنْ نِسَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ تَبِعَهُنَّ، وَهَذَا الْمَسْلَكُ أَقْوَى مِمَّا قَبْلَهُ، فَإِنَّ أَصْحَابَهُ قَالُوا مِمَّا يُبَيِّنُ اخْتِصَاصَهُ بسالم أَنَّ فِيهِ: أَنَّ سهلة سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ نُزُولِ آيَةِ الْحِجَابِ، وَهِيَ تَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُبْدِيَ زِينَتَهَا إِلَّا لِمَنْ ذُكِرَ فِي الْآيَةِ وَسُمِّيَ فِيهَا، وَلَا يُخَصُّ مِنْ عُمُومِ مَنْ عَدَاهُمْ أَحَدٌ إِلَّا بِدَلِيلٍ.
قَالُوا: وَالْمَرْأَةُ إِذَا أَرْضَعَتْ أَجْنَبِيًّا، فَقَدْ أَبْدَتْ زِينَتَهَا لَهُ، فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ تَمَسُّكًا بِعُمُومِ الْآيَةِ، فَعَلِمْنَا أَنَّ إِبْدَاءَ سهلة زِينَتَهَا لسالم خَاصٌّ بِهِ. قَالُوا: وَإِذَا أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاحِدًا مِنَ الْأُمَّةِ بِأَمْرٍ، أَوْ أَبَاحَ لَهُ شَيْئًا أَوْ نَهَاهُ عَنْ شَيْءٍ وَلَيْسَ فِي الشَّرِيعَةِ مَا يُعَارِضُهُ ثَبَتَ ذَلِكَ فِي حَقِّ غَيْرِهِ مِنَ الْأُمَّةِ مَا لَمْ يَنُصَّ عَلَى تَخْصِيصِهِ، وَأَمَّا إِذَا أَمَرَ النَّاسَ بِأَمْرٍ، أَوْ نَهَاهُمْ عَنْ شَيْءٍ، ثُمَّ أَمَرَ وَاحِدًا مِنَ الْأُمَّةِ بِخِلَافِ مَا أَمَرَ بِهِ النَّاسَ، أَوْ أَطْلَقَ لَهُ مَا نَهَاهُمْ عَنْهُ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ خَاصَّا بِهِ وَحْدَهُ، وَلَا نَقُولُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ: إِنَّ أَمْرَهُ لِلْوَاحِدِ أَمْرٌ لِلْجَمِيعِ، وَإِبَاحَتَهُ لِلْوَاحِدِ إِبَاحَةٌ لِلْجَمِيعِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إِلَى إِسْقَاطِ الْأَمْرِ الْأَوَّلِ، وَالنَّهْيِ الْأَوَّلِ، بَلْ نَقُولُ: إِنَّهُ خَاصٌّ بِذَلِكَ الْوَاحِدِ لِتَتَّفِقَ النُّصُوصُ وَتَأْتَلِفَ، وَلَا يُعَارِضَ بَعْضُهَا بَعْضًا، فَحَرَّمَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ أَنْ تُبْدِيَ الْمَرْأَةُ زِينَتَهَا لِغَيْرِ مَحْرَمٍ، وَأَبَاحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لسهلة أَنْ تُبْدِيَ زِينَتَهَا لسالم وَهُوَ غَيْرُ مَحْرَمٍ عِنْدَ إِبْدَاءِ الزِّينَةِ قَطْعًا، فَيَكُونُ ذَلِكَ رُخْصَةً خَاصَّةً بسالم، مُسْتَثْنَاةً مِنْ عُمُومِ التَّحْرِيمِ، وَلَا نَقُولُ: إِنَّ حُكْمَهَا عَامٌّ، فَيُبْطِلُ حُكْمَ الْآيَةِ الْمُحَرِّمَةِ.
قَالُوا: وَيَتَعَيَّنُ هَذَا الْمَسْلَكُ لِأَنَّا لَوْ لَمْ نَسْلُكْهُ، لَزِمَنَا أَحَدُ مَسْلَكَيْنِ، وَلَا بُدَّ مِنْهُمَا إِمَّا نَسْخُ هَذَا الْحَدِيثِ بِالْأَحَادِيثِ الدَّالَّةِ عَلَى اعْتِبَارِ الصِّغَرِ فِي التَّحْرِيمِ، وَإِمَّا نَسْخُهَا بِهِ، وَلَا سَبِيلَ إِلَى وَاحِدٍ مِنَ الْأَمْرَيْنِ لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِالتَّارِيخِ، وَلِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْمُعَارَضَةِ، وَلِإِمْكَانِ الْعَمَلِ بِالْأَحَادِيثِ كُلِّهَا، فَإِنَّا إِذَا حَمَلْنَا حَدِيثَ سهلة عَلَى الرُّخْصَةِ الْخَاصَّةِ، وَالْأَحَادِيثَ الْأُخَرَ عَلَى عُمُومِهَا فِيمَا عَدَا سالما، لَمْ تَتَعَارَضْ، وَلَمْ يَنْسَخْ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَعُمِلَ بِجَمِيعِهَا.

نام کتاب : زاد المعاد في هدي خير العباد نویسنده : ابن القيم    جلد : 5  صفحه : 522
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست