responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : زاد المعاد في هدي خير العباد نویسنده : ابن القيم    جلد : 5  صفحه : 424
الْغَالِبُ عَلَى النَّوْعَيْنِ، وَلَا عِبْرَةَ بِمَا خَرَجَ عَنِ الْغَالِبِ، عَلَى أَنَّا إِذَا قَدَّمْنَا أَحَدَ الْأَبَوَيْنِ فَلَا بُدَّ أَنْ نُرَاعِيَ صِيَانَتَهُ وَحِفْظَهُ لِلطِّفْلِ؛ وَلِهَذَا قَالَ مالك والليث: إِذَا لَمْ تَكُنِ الْأُمُّ فِي مَوْضِعِ حِرْزٍ وَتَحْصِينٍ، أَوْ كَانَتْ غَيْرَ مَرْضِيَّةٍ، فَلِلْأَبِ أَخْذُ الْبِنْتِ مِنْهَا، وَكَذَلِكَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الرِّوَايَةِ الْمَشْهُورَةِ عَنْهُ، فَإِنَّهُ يَعْتَبِرُ قُدْرَتَهُ عَلَى الْحِفْظِ وَالصِّيَانَةِ. فَإِنْ كَانَ مُهْمِلًا لِذَلِكَ، أَوْ عَاجِزًا عَنْهُ، أَوْ غَيْرَ مَرْضِيٍّ، أَوْ ذَا دِيَاثَةٍ، وَالْأُمُّ بِخِلَافِهِ - فَهِيَ أَحَقُّ بِالْبِنْتِ بِلَا رَيْبٍ، فَمَنْ قَدَّمْنَاهُ بِتَخْيِيرٍ أَوْ قُرْعَةٍ أَوْ بِنَفْسِهِ، فَإِنَّمَا نُقَدِّمُهُ إِذَا حَصَلَتْ بِهِ مَصْلَحَةُ الْوَلَدِ، وَلَوْ كَانَتِ الْأُمُّ أَصْوَنَ مِنَ الْأَبِ وَأَغْيَرَ مِنْهُ قُدِّمَتْ عَلَيْهِ، وَلَا الْتِفَاتَ إِلَى قُرْعَةٍ وَلَا اخْتِيَارِ الصَّبِيِّ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، فَإِنَّهُ ضَعِيفُ الْعَقْلِ يُؤْثِرُ الْبَطَالَةَ وَاللَّعِبَ، فَإِذَا اخْتَارَ مَنْ يُسَاعِدُهُ عَلَى ذَلِكَ، لَمْ يُلْتَفَتْ إِلَى اخْتِيَارِهِ، وَكَانَ عِنْدَ مَنْ هُوَ أَنْفَعُ لَهُ وَأَخْيَرُ، وَلَا تَحْتَمِلُ الشَّرِيعَةُ غَيْرَ هَذَا، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قَالَ: ( «مُرُوهُمْ بِالصَّلَاةِ لِسَبْعٍ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَى تَرْكِهَا لِعَشْرٍ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ» ) ، وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [التحريم: 6] [التَّحْرِيمِ 6] . وَقَالَ الحسن: عَلِّمُوهُمْ وَأَدِّبُوهُمْ وَفَقِّهُوهُمْ، فَإِذَا كَانَتِ الْأُمُّ تَتْرُكُهُ فِي الْمَكْتَبِ، وَتُعَلِّمُهُ الْقُرْآنَ، وَالصَّبِيُّ يُؤْثِرُ اللَّعِبَ وَمُعَاشَرَةَ أَقْرَانِهِ، وَأَبُوهُ يُمَكِّنُهُ مِنْ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ أَحَقُّ بِهِ بِلَا تَخْيِيرٍ وَلَا قُرْعَةٍ، وَكَذَلِكَ الْعَكْسُ، وَمَتَى أَخَلَّ أَحَدُ الْأَبَوَيْنِ بِأَمْرِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ فِي الصَّبِيِّ وَعَطَّلَهُ، وَالْآخَرُ مُرَاعٍ لَهُ فَهُوَ أَحَقُّ وَأَوْلَى بِهِ.
وَسَمِعْتُ شَيْخَنَا رَحِمَهُ اللَّهُ يَقُولُ: تَنَازَعَ أَبَوَانِ صَبِيًّا عِنْدَ بَعْضِ الْحُكَّامِ، فَخَيَّرَهُ بَيْنَهُمَا، فَاخْتَارَ أَبَاهُ، فَقَالَتْ لَهُ أُمُّهُ: سَلْهُ لِأَيِّ شَيْءٍ يَخْتَارُ أَبَاهُ، فَسَأَلَهُ فَقَالَ: أُمِّي تَبْعَثُنِي كُلَّ يَوْمٍ لِلْكُتَّابِ، وَالْفَقِيهُ يَضْرِبُنِي، وَأَبِي يَتْرُكُنِي لِلَّعِبِ مَعَ الصِّبْيَانِ، فَقَضَى بِهِ لِلْأُمِّ، قَالَ: أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ.
قَالَ شَيْخُنَا: وَإِذَا تَرَكَ أَحَدُ الْأَبَوَيْنِ تَعْلِيمَ الصَّبِيِّ، وَأَمْرَهُ الَّذِي أَوْجَبَهُ اللَّهُ

نام کتاب : زاد المعاد في هدي خير العباد نویسنده : ابن القيم    جلد : 5  صفحه : 424
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست