responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : زاد المعاد في هدي خير العباد نویسنده : ابن القيم    جلد : 5  صفحه : 414
أَحَدُهُمَا مُنْتَقِلًا عَنْ بَلَدِ الْآخَرِ لِلْإِقَامَةِ، وَالْبَلَدُ وَطَرِيقُهُ مَخُوفَانِ، أَوْ أَحَدُهُمَا، فَالْمُقِيمُ أَحَقُّ، وَإِنْ كَانَ هُوَ وَطَرِيقُهُ آمِنَيْنِ، فَفِيهِ قَوْلَانِ، وَهُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ أَحْمَدَ، إِحْدَاهُمَا: أَنَّ الْحَضَانَةَ لِلْأَبِ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ تَرْبِيَةِ الْوَلَدِ وَتَأْدِيبِهِ وَتَعْلِيمِهِ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ، وَقَضَى بِهِ شُرَيْحٌ. وَالثَّانِيَةُ: أَنَّ الْأُمَّ أَحَقُّ. وَفِيهَا قَوْلٌ ثَالِثٌ: أَنَّ الْمُنْتَقِلَ إِنْ كَانَ هُوَ الْأَبَ فَالْأُمُّ أَحَقُّ، وَإِنْ كَانَ الْأُمُّ، فَإِنِ انْتَقَلَتْ إِلَى الْبَلَدِ الَّذِي كَانَ فِيهِ أَصْلُ النِّكَاحِ فَهِيَ أَحَقُّ بِهِ، وَإِنِ انْتَقَلَتْ إِلَى غَيْرِهِ فَالْأَبُ أَحَقُّ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ. وَحَكَوْا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رِوَايَةً أُخْرَى: أَنَّ نَقْلَهَا إِنْ كَانَ مِنْ بَلَدٍ إِلَى قَرْيَةٍ، فَالْأَبُ أَحَقُّ، وَإِنْ كَانَ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ، فَهِيَ أَحَقُّ، وَهَذِهِ أَقْوَالٌ كُلُّهَا كَمَا تَرَى لَا يَقُومُ عَلَيْهَا دَلِيلٌ يَسْكُنُ الْقَلْبُ إِلَيْهِ، فَالصَّوَابُ النَّظَرُ وَالِاحْتِيَاطُ لِلطِّفْلِ فِي الْأَصْلَحِ لَهُ وَالْأَنْفَعِ مِنَ الْإِقَامَةِ أَوِ النَّقْلَةِ، فَأَيُّهُمَا كَانَ أَنْفَعَ لَهُ وَأَصْوَنَ وَأَحْفَظَ رُوعِيَ، وَلَا تَأْثِيرَ لِإِقَامَةٍ وَلَا نَقْلَةٍ، هَذَا كُلُّهُ مَا لَمْ يُرِدْ أَحَدُهُمَا بِالنَّقْلَةِ مُضَارَّةَ الْآخَرِ وَانْتِزَاعَ الْوَلَدِ مِنْهُ. فَإِنْ أَرَادَ ذَلِكَ لَمْ يَجِبْ إِلَيْهِ، وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ.

[فصل قَوْلُ مَنِ اشْتَرَطَ لِسُقُوطِ الْحَضَانَةِ مَعَ عَقْدِ النِّكَاحِ وَالدُّخُولِ حُكْمَ الْحَاكِمِ]
فَصْلٌ وَقَوْلُهُ: ( «أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَنْكِحِي» ) قِيلَ: فِيهِ إِضْمَارٌ تَقْدِيرُهُ: مَا لَمْ تَنْكِحِي، وَيَدْخُلْ بِكِ الزَّوْجُ، وَيَحْكُمُ الْحَاكِمُ بِسُقُوطِ الْحَضَانَةِ. وَهَذَا تَعَسُّفٌ بَعِيدٌ لَا يُشْعِرُ بِهِ اللَّفْظُ، وَلَا يَدُلُّ عَلَيْهِ بِوَجْهٍ، وَلَا هُوَ مِنْ دَلَالَةِ الِاقْتِضَاءِ الَّتِي تَتَوَقَّفُ صِحَّةُ الْمَعْنَى عَلَيْهَا، وَالدُّخُولُ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ " تَنْكِحِي " عِنْدَ مَنِ اعْتَبَرَهُ، فَهُوَ كَقَوْلِهِ: {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230] وَمَنْ لَمْ يَعْتَبِرْهُ فَالْمُرَادُ بِالنِّكَاحِ عِنْدَهُ الْعَقْدُ.
وَأَمَّا حُكْمُ الْحَاكِمِ بِسُقُوطِ الْحَضَانَةِ، فَذَاكَ إِنَّمَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ عِنْدَ التَّنَازُعِ وَالْخُصُومَةِ بَيْنَ الْمُتَنَازِعَيْنِ، فَيَكُونُ مُنَفِّذًا لِحُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْقَفَ سُقُوطَ الْحَضَانَةِ عَلَى حُكْمِهِ، بَلْ قَدْ حَكَمَ هُوَ بِسُقُوطِهَا، حَكَمَ بِهِ الْحُكَّامُ بَعْدَهُ أَوْ لَمْ يَحْكُمُوا. وَالَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ هَذَا الْحُكْمُ النَّبَوِيُّ، أَنَّ الْأُمَّ أَحَقُّ بِالطِّفْلِ مَا لَمْ يُوجَدْ مِنْهَا النِّكَاحُ، فَإِذَا نَكَحَتْ زَالَ ذَلِكَ الِاسْتِحْقَاقُ، وَانْتَقَلَ

نام کتاب : زاد المعاد في هدي خير العباد نویسنده : ابن القيم    جلد : 5  صفحه : 414
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست