responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : زاد المعاد في هدي خير العباد نویسنده : ابن القيم    جلد : 5  صفحه : 366
: ( «أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سعد، فَوَاللَّهِ لَأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ، وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي» ) وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ وَلَا نَهَاهُ عَنْ قَتْلِهِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُكْمٌ مُلْزِمٌ، وَكَذَلِكَ فَتْوَاهُ حُكْمٌ عَامٌّ لِلْأُمَّةِ، فَلَوْ أَذِنَ لَهُ فِي قَتْلِهِ لَكَانَ ذَلِكَ حُكْمًا مِنْهُ بِأَنَّ دَمَهُ هَدَرٌ فِي ظَاهِرِ الشَّرْعِ وَبَاطِنِهِ، وَوَقَعَتِ الْمَفْسَدَةُ الَّتِي دَرَأَهَا اللَّهُ بِالْقِصَاصِ، وَتَهَالَكَ النَّاسُ فِي قَتْلِ مَنْ يُرِيدُونَ قَتْلَهُ فِي دُورِهِمْ وَيَدَّعُونَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَرَوْنَهُمْ عَلَى حَرِيمِهِمْ، فَسَدَّ الذَّرِيعَةَ وَحَمَى الْمَفْسَدَةَ وَصَانَ الدِّمَاءَ، وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْقَاتِلِ، وَيُقَادُ بِهِ فِي ظَاهِرِ الشَّرْعِ، فَلَمَّا حَلَفَ سعد أَنَّهُ يَقْتُلُهُ وَلَا يَنْتَظِرُ بِهِ الشُّهُودَ عَجِبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَيْرَتِهِ وَأَخْبَرَ أَنَّهُ غَيُورٌ، وَأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَغْيَرُ مِنْهُ، وَاللَّهُ أَشَدُّ غَيْرَةً، وَهَذَا يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: إِقْرَارُهُ وَسُكُوتُهُ عَلَى مَا حَلَفَ عَلَيْهِ سعد أَنَّهُ جَائِزٌ لَهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ، وَنَهْيُهُ عَنْ قَتْلِهِ فِي ظَاهِرِ الشَّرْعِ، وَلَا يُنَاقِضُ أَوَّلُ الْحَدِيثِ آخِرَهُ.
وَالثَّانِي: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ذَلِكَ كَالْمُنْكِرِ عَلَى سعد، فَقَالَ: ( «أَلَا تَسْمَعُونَ إِلَى مَا يَقُولُ سَيِّدُكُمْ» ) يَعْنِي: أَنَا أَنْهَاهُ عَنْ قَتْلِهِ، وَهُوَ يَقُولُ: بَلَى وَالَّذِي أَكْرَمَكَ بِالْحَقِّ، ثُمَّ أَخْبَرَ عَنِ الْحَامِلِ لَهُ عَلَى هَذِهِ الْمُخَالَفَةِ، وَأَنَّهُ شِدَّةُ غَيْرَتِهِ، ثُمَّ قَالَ: أَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ، وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي. وَقَدْ شَرَعَ إِقَامَةَ الشُّهَدَاءِ الْأَرْبَعَةِ مَعَ شِدَّةِ غَيْرَتِهِ سُبْحَانَهُ، فَهِيَ مَقْرُونَةٌ بِحِكْمَةٍ وَمَصْلَحَةٍ وَرَحْمَةٍ وَإِحْسَانٍ، فَاللَّهُ سُبْحَانَهُ مَعَ شِدَّةِ غَيْرَتِهِ أَعْلَمُ بِمَصَالِحِ عِبَادِهِ، وَمَا شَرَعَهُ لَهُمْ مِنْ إِقَامَةِ الشُّهُودِ الْأَرْبَعَةِ دُونَ الْمُبَادَرَةِ إِلَى الْقَتْلِ، وَأَنَا أَغْيَرُ مِنْ سعد وَقَدْ نَهَيْتُهُ عَنْ قَتْلِهِ، وَقَدْ يُرِيدُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كِلَا الْأَمْرَيْنِ، وَهُوَ الْأَلْيَقُ بِكَلَامِهِ وَسِيَاقِ الْقِصَّةِ.

[فَصْلٌ لُحُوقِ النَّسَبِ بِالزَّوْجِ إِذَا خَالَفَ لَوْنُ وَلَدِهِ لَوْنَهُ]
فِي حُكْمِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي لُحُوقِ النَّسَبِ بِالزَّوْجِ إِذَا خَالَفَ لَوْنُ وَلَدِهِ لَوْنَهُ
ثَبَتَ عَنْهُ فِي " الصَّحِيحَيْنِ ( «أَنَّ رَجُلًا قَالَ لَهُ: إِنَّ امْرَأَتِي وَلَدَتْ غُلَامًا أَسْوَدَ -كَأَنَّهُ يُعَرِّضُ بِنَفْيِهِ - فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " هَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ "؟ قَالَ نَعَمْ. قَالَ " مَا

نام کتاب : زاد المعاد في هدي خير العباد نویسنده : ابن القيم    جلد : 5  صفحه : 366
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست