responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : زاد المعاد في هدي خير العباد نویسنده : ابن القيم    جلد : 5  صفحه : 353
أَوْ أَبَوْهُ، فَهِيَ فُرْقَةٌ مِنَ الشَّارِعِ بِغَيْرِ رِضَا أَحَدٍ مِنْهُمْ وَلَا اخْتِيَارِهِ، بِخِلَافِ فُرْقَةِ الْحَاكِمِ، فَإِنَّهُ إِنَّمَا يُفَرِّقُ بِاخْتِيَارِهِ.
وَأَيْضًا فَإِنَّ اللِّعَانَ يَكُونُ قَدِ اقْتَضَى بِنَفْسِهِ التَّفْرِيقَ؛ لِقُوَّتِهِ وَسُلْطَانِهِ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ مَا إِذَا تَوَقَّفَ عَلَى تَفْرِيقِ الْحَاكِمِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَقْوَ بِنَفْسِهِ عَلَى اقْتِضَاءِ الْفُرْقَةِ، وَلَا كَانَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَيْهَا، وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ هِيَ مَذْهَبُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: فَإِنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ فَهُوَ خَاطِبٌ مِنَ الْخُطَّابِ، وَمَذْهَبُ أبي حنيفة ومحمد، وَهَذَا عَلَى أَصْلِهِ اطَّرَدَ؛ لِأَنَّ فُرْقَةَ اللِّعَانِ عِنْدَهُ طَلَاقٌ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: إِنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ رُدَّتْ إِلَيْهِ مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ.
وَالصَّحِيحُ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ السُّنَّةُ الصَّحِيحَةُ الصَّرِيحَةُ، وَأَقْوَالُ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَهُوَ الَّذِي تَقْتَضِيهِ حِكْمَةُ اللِّعَانِ، وَلَا تَقْتَضِي سِوَاهُ، فَإِنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ تَعَالَى وَغَضَبَهُ قَدْ حَلَّ بِأَحَدِهِمَا لَا مَحَالَةَ، وَلِهَذَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ الْخَامِسَةِ: (إِنَّهَا الْمُوجِبَةُ) أَيِ الْمُوجِبَةُ لِهَذَا الْوَعِيدِ، وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ عَيْنَ مَنْ حَلَّتْ بِهِ يَقِينًا، فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا خَشْيَةَ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمَلْعُونَ الَّذِي قَدْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَبَاءَ بِهَا، فَيَعْلُو امْرَأَةً غَيْرَ مَلْعُونَةٍ، وَحِكْمَةُ الشَّرْعِ تَأْبَى هَذَا كَمَا أَبَتْ أَنْ يَعْلُوَ الْكَافِرُ مُسْلِمَةً وَالزَّانِي عَفِيفَةً.
فَإِنْ قِيلَ: فَهَذَا يُوجِبُ أَلَّا يَتَزَوَّجَ غَيْرَهَا؛ لِمَا ذَكَرْتُمْ بِعَيْنِهِ؟ .
قِيلَ: لَا يُوجِبُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّا لَمْ نَتَحَقَّقْ أَنَّهُ هُوَ الْمَلْعُونُ، وَإِنَّمَا تَحَقَّقْنَا أَنَّ أَحَدَهُمَا كَذَلِكَ، وَشَكَكْنَا فِي عَيْنِهِ، فَإِذَا اجْتَمَعَا لَزِمَهُ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ وَلَا بُدَّ؛ إِمَّا هَذَا وَإِمَّا إِمْسَاكُهُ مَلْعُونَةً مَغْضُوبًا عَلَيْهَا قَدْ وَجَبَ عَلَيْهَا غَضَبُ اللَّهِ وَبَاءَتْ بِهِ، فَأَمَّا إِذَا تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِهِ أَوْ تَزَوَّجَ بِغَيْرِهَا لَمْ تَتَحَقَّقْ هَذِهِ الْمَفْسَدَةُ فِيهِمَا.
وَأَيْضًا فَإِنَّ النُّفْرَةَ الْحَاصِلَةَ مِنْ إِسَاءَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلَى صَاحِبِهِ لَا تَزُولُ أَبَدًا، فَإِنَّ الرَّجُلَ إِنْ كَانَ صَادِقًا عَلَيْهَا فَقَدْ أَشَاعَ فَاحِشَتَهَا وَفَضَحَهَا عَلَى رُءُوسِ الْأَشْهَادِ، وَأَقَامَهَا مَقَامَ الْخِزْيِ، وَحَقَّقَ عَلَيْهَا الْخِزْيَ وَالْغَضَبَ، وَقَطَعَ نَسَبَ

نام کتاب : زاد المعاد في هدي خير العباد نویسنده : ابن القيم    جلد : 5  صفحه : 353
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست