responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : زاد المعاد في هدي خير العباد نویسنده : ابن القيم    جلد : 5  صفحه : 351
اللِّعَانِ مَأْذُونٌ فِيهِ شَرْعًا، بَلْ هُوَ بَادَرَ إِلَى فِرَاقِهَا، وَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ صَائِرًا إِلَى مَا بَادَرَ إِلَيْهِ، وَأَمَّا طَلَاقُهُ ثَلَاثَةً فَمَا زَادَ الْفُرْقَةَ الْوَاقِعَةَ إِلَّا تَأْكِيدًا، فَإِنَّهَا حُرِّمَتْ عَلَيْهِ تَحْرِيمًا مُؤَبَّدًا، فَالطَّلَاقُ تَأْكِيدٌ لِهَذَا التَّحْرِيمِ، وَكَأَنَّهُ قَالَ: لَا تَحِلُّ لِي بَعْدَ هَذَا.
وَأَمَّا إِنْفَاذُ الطَّلَاقِ عَلَيْهِ فَتَقْرِيرٌ لِمُوجَبِهِ مِنَ التَّحْرِيمِ، فَإِنَّهَا إِذَا لَمْ تَحِلَّ لَهُ بِاللِّعَانِ أَبَدًا كَانَ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ تَأْكِيدًا لِلتَّحْرِيمِ الْوَاقِعِ بِاللِّعَانِ، فَهَذَا مَعْنَى إِنْفَاذِهِ، فَلَمَّا لَمْ يُنْكِرْهُ عَلَيْهِ وَأَقَرَّهُ عَلَى التَّكَلُّمِ بِهِ وَعَلَى مُوجَبِهِ جُعِلَ هَذَا إِنْفَاذًا مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وسهل لَمْ يَحْكِ لَفْظَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: وَقَعَ طَلَاقُكَ، وَإِنَّمَا شَاهَدَ الْقِصَّةَ وَعَدَمَ إِنْكَارِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلطَّلَاقِ، فَظَنَّ ذَلِكَ تَنْفِيذًا، وَهُوَ صَحِيحٌ بِمَا ذَكَرْنَا مِنَ الِاعْتِبَارِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[فصل فُرْقَةُ اللِّعَانِ فَسْخٌ]
فَصْلٌ
الْحُكْمِ الثَّانِي: أَنَّ فُرْقَةَ اللِّعَانِ فَسْخٌ وَلَيْسَتْ بِطَلَاقٍ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وأحمد وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِمَا، وَاحْتَجُّوا بِأَنَّهَا فُرْقَةٌ تُوجِبُ تَحْرِيمًا مُؤَبَّدًا فَكَانَتْ فَسْخًا، كَفُرْقَةِ الرَّضَاعِ، وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ اللِّعَانَ لَيْسَ صَرِيحًا فِي الطَّلَاقِ، وَلَا نَوَى الزَّوْجُ بِهِ الطَّلَاقَ، فَلَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ، قَالُوا: وَلَوْ كَانَ اللِّعَانُ صَرِيحًا فِي الطَّلَاقِ أَوْ كِنَايَةً فِيهِ لَوَقَعَ بِمُجَرَّدِ لِعَانِ الزَّوْجِ وَلَمْ يَتَوَقَّفْ عَلَى لِعَانِ الْمَرْأَةِ، قَالُوا: وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ طَلَاقًا فَهُوَ طَلَاقٌ مِنْ مَدْخُولٍ بِهَا بِغَيْرِ عِوَضٍ لَمْ يَنْوِ بِهِ الثَّلَاثَ، فَكَانَ يَكُونُ رَجْعِيًّا. قَالُوا: وَلِأَنَّ الطَّلَاقَ بِيَدِ الزَّوْجِ، إِنْ شَاءَ طَلَّقَ وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَ، وَهَذَا الْفَسْخُ حَاصِلٌ بِالشَّرْعِ، وَبِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ، قَالُوا: وَإِذَا ثَبَتَ بِالسُّنَّةِ وَأَقْوَالِ الصَّحَابَةِ وَدِلَالَةِ الْقُرْآنِ أَنَّ فُرْقَةَ الْخُلْعِ لَيْسَتْ بِطَلَاقٍ بَلْ هِيَ فَسْخٌ مَعَ كَوْنِهَا بِتَرَاضِيهِمَا فَكَيْفَ تَكُونُ فُرْقَةُ اللِّعَانِ طَلَاقًا؟ .

[فصل تُوجِبُ هَذِهِ الْفُرْقَةُ تَحْرِيمًا مُؤَبَّدًا وَالْحِكْمَةُ مِنْ ذَلِكَ]
فَصْلٌ
الْحُكْمِ الثَّالِثِ: أَنَّ هَذِهِ الْفُرْقَةَ تُوجِبُ تَحْرِيمًا مُؤَبَّدًا لَا يَجْتَمِعَانِ بَعْدَهَا أَبَدًا. قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: حَدَّثَنَا الزبيدي، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، فَذَكَرَ قِصَّةَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ وَقَالَ: «فَفَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمَا وَقَالَ: (لَا يَجْتَمِعَانِ

نام کتاب : زاد المعاد في هدي خير العباد نویسنده : ابن القيم    جلد : 5  صفحه : 351
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست