responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : زاد المعاد في هدي خير العباد نویسنده : ابن القيم    جلد : 5  صفحه : 298
اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّمَا أَوْجَبَ الْكَفَّارَةَ فِي هَذَا الْمُنْكَرِ وَالزُّورِ بِأَمْرَيْنِ: بِهِ، وَبِالْعَوْدِ، كَمَا أَنَّ حُكْمَ الْإِيلَاءِ إِنَّمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ وَعَلَى الْوَطْءِ لَا عَلَى أَحَدِهِمَا.

[فَصْلٌ قَوْلُ الظَّاهِرِيَّةِ بِأَنَّ مَعْنَى الْعَوْدِ أَيْ إِعَادَةُ اللَّفْظِ]
فَصْلٌ
وَقَالَ الْجُمْهُورُ: لَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ إِلَّا بِالْعَوْدِ بَعْدَ الظِّهَارِ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى الْعَوْدِ، هَلْ هُوَ إِعَادَةُ لَفْظِ الظِّهَارِ بِعَيْنِهِ، أَوْ أَمْرٌ وَرَاءَهُ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ: فَقَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ كُلُّهُمْ: هُوَ إِعَادَةُ لَفْظِ الظِّهَارِ، وَلَمْ يَحْكُوا هَذَا عَنْ أَحَدٍ مِنَ السَّلَفِ الْبَتَّةَ، وَهُوَ قَوْلٌ لَمْ يُسْبَقُوا إِلَيْهِ، وَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الشَّكَاةُ لَا يَكَادُ مَذْهَبٌ مِنَ الْمَذَاهِبِ يَخْلُو عَنْهَا.
قَالُوا: فَلَمْ يُوجِبِ اللَّهُ سُبْحَانَهُ الْكَفَّارَةَ إِلَّا بِالظِّهَارِ الْمُعَادِ لَا الْمُبْتَدَأِ. قَالُوا: وَالِاسْتِدْلَالُ بِالْآيَةِ مِنْ ثَلَاثَةِ وُجُوهٍ
أَحَدُهَا: أَنَّ الْعَرَبَ لَا يُعْقَلُ فِي لُغَاتِهَا الْعَوْدُ إِلَى الشَّيْءِ إِلَّا فِعْلُ مِثْلِهِ مَرَّةً ثَانِيَةً، قَالُوا: وَهَذَا كِتَابُ اللَّهِ وَكَلَامُ رَسُولِهِ وَكَلَامُ الْعَرَبِ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ. قَالَ تَعَالَى: {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ} [الأنعام: 28] [الْأَنْعَامِ: 28] فَهَذَا نَظِيرُ الْآيَةِ سَوَاءٌ فِي أَنَّهُ عَدَّى فِعْلَ الْعَوْدِ بِاللَّامِ، وَهُوَ إِتْيَانُهُمْ مَرَّةً ثَانِيَةً بِمِثْلِ مَا أَتَوْا بِهِ أَوَّلًا، وَقَالَ تَعَالَى: {وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا} [الإسراء: 8] [الْإِسْرَاءِ: 8] أَيْ إِنْ كَرَّرْتُمُ الذَّنْبَ كَرَّرْنَا الْعُقُوبَةَ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ} [المجادلة: 8] [الْمُجَادَلَةِ: 8] وَهَذَا فِي سُورَةِ الظِّهَارِ نَفْسِهَا، وَهُوَ يُبَيِّنُ الْمُرَادَ مِنَ الْعَوْدِ فِيهِ، فَإِنَّهُ نَظِيرُهُ فِعْلًا وَإِرَادَةً، وَالْعَهْدُ قَرِيبٌ بِذِكْرِهِ.
قَالُوا: وَأَيْضًا، فَالَّذِي قَالُوهُ: هُوَ لَفْظُ الظِّهَارِ، فَالْعَوْدُ إِلَى الْقَوْلِ هُوَ الْإِتْيَانُ بِهِ مَرَّةً ثَانِيَةً لَا تَعْقِلُ الْعَرَبُ غَيْرَ هَذَا. قَالُوا: وَأَيْضًا فَمَا عَدَا تَكْرَارَ اللَّفْظِ إِمَّا إِمْسَاكٌ، وَإِمَّا عَزْمٌ، وَإِمَّا فِعْلٌ، وَلَيْسَ وَاحِدٌ مِنْهَا بِقَوْلٍ، فَلَا يَكُونُ الْإِتْيَانُ بِهِ عَوْدًا، لَا لَفْظًا وَلَا مَعْنَى، وَلِأَنَّ الْعَزْمَ وَالْوَطْءَ وَالْإِمْسَاكَ لَيْسَ ظِهَارًا، فَيَكُونَ الْإِتْيَانُ بِهَا عَوْدًا إِلَى الظِّهَارِ.
قَالُوا: وَلَوْ أُرِيدَ بِالْعَوْدِ الرُّجُوعُ فِي الشَّيْءِ الَّذِي مَنَعَ مِنْهُ نَفْسَهُ كَمَا يُقَالُ: عَادَ

نام کتاب : زاد المعاد في هدي خير العباد نویسنده : ابن القيم    جلد : 5  صفحه : 298
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست