responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : زاد المعاد في هدي خير العباد نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 393
بَيْنَهُمَا فِي الْحُكْمِ، وَبَطَلَ الِاعْتِرَاضُ، فَتَحَقَّقَ بُطْلَانُهُ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ.
قَالُوا: وَأَمَّا قَوْلُكُمْ: إِنَّ الْحَرَمَ لَا يُعِيذُ مَنِ انْتَهَكَ فِيهِ الْحُرْمَةَ، إِذْ أَتَى فِيهِ مَا يُوجِبُ الْحَدَّ، فَكَذَلِكَ اللَّاجِئُ إِلَيْهِ، فَهُوَ جَمْعٌ بَيْنَ مَا فَرَّقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالصَّحَابَةُ بَيْنَهُمَا، فَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عبد الرزاق، حَدَّثَنَا معمر، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: (مَنْ سَرَقَ أَوْ قَتَلَ فِي الْحِلِّ ثُمَّ دَخَلَ الْحَرَمَ، فَإِنَّهُ لَا يُجَالَسُ وَلَا يُكَلَّمُ وَلَا يُؤْوَى، وَلَكِنَّهُ يُنَاشَدُ حَتَّى يَخْرُجَ فَيُؤْخَذَ فَيُقَامَ عَلَيْهِ الْحَدُّ، وَإِنْ سَرَقَ أَوْ قَتَلَ فِي الْحَرَمِ، أُقِيمَ عَلَيْهِ فِي الْحَرَمِ) وَذَكَرَ الْأَثْرَمُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا: (مَنْ أَحْدَثَ حَدَثًا فِي الْحَرَمِ، أُقِيمَ عَلَيْهِ مَا أَحْدَثَ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ) .
وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِقَتْلِ مَنْ قَاتَلَ فِي الْحَرَمِ، فَقَالَ: {وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ} [البقرة: 191] [الْبَقَرَةِ: 191] .
وَالْفَرَقُ بَيْنَ اللَّاجِئِ وَالْمُنْتَهِكِ فِيهِ مِنْ وُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّ الْجَانِيَ فِيهِ هَاتِكٌ لِحُرْمَتِهِ بِإِقْدَامِهِ عَلَى الْجِنَايَةِ فِيهِ، بِخِلَافِ مَنْ جَنَى خَارِجَهُ ثُمَّ لَجَأَ إِلَيْهِ، فَإِنَّهُ مُعَظِّمٌ لِحُرْمَتِهِ مُسْتَشْعِرٌ بِهَا بِالْتِجَائِهِ إِلَيْهِ، فَقِيَاسُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ بَاطِلٌ.
الثَّانِي: أَنَّ الْجَانِيَ فِيهِ بِمَنْزِلَةِ الْمُفْسِدِ الْجَانِي عَلَى بِسَاطِ الْمَلِكِ فِي دَارِهِ وَحَرَمِهِ، وَمَنْ جَنَى خَارِجَهُ ثُمَّ لَجَأَ إِلَيْهِ فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ جَنَى خَارِجَ بِسَاطِ السُّلْطَانِ وَحَرَمِهِ، ثُمَّ دَخَلَ إِلَى حَرَمِهِ مُسْتَجِيرًا.
الثَّالِثُ: أَنَّ الْجَانِيَ فِي الْحَرَمِ قَدِ انْتَهَكَ حُرْمَةَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَحُرْمَةَ بَيْتِهِ وَحَرَمِهِ، فَهُوَ هَاتِكٌ لِحُرْمَتَيْنِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ.
الرَّابِعُ: أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُقَمِ الْحَدُّ عَلَى الْجُنَاةِ فِي الْحَرَمِ لَعَمَّ الْفَسَادُ، وَعَظُمَ الشَّرُّ فِي حَرَمِ اللَّهِ، فَإِنَّ أَهْلَ الْحَرَمِ كَغَيْرِهِمْ فِي الْحَاجَةِ إِلَى صِيَانَةِ نَفُوسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ وَأَعْرَاضِهِمْ، وَلَوْ لَمْ يُشْرَعِ الْحَدُّ فِي حَقِّ مَنِ ارْتَكَبَ الْجَرَائِمَ فِي الْحَرَمِ، لَتَعَطَّلَتْ حُدُودُ اللَّهِ وَعَمَّ الضَّرَرُ لِلْحَرَمِ وَأَهْلِهِ.

نام کتاب : زاد المعاد في هدي خير العباد نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 393
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست