responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : زاد المعاد في هدي خير العباد نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 392
لِذَلِكَ، لَوَجَبَ تَخْصِيصُهُ بِالْأَدِلَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى الْمَنْعِ، لِئَلَّا يَبْطُلَ مُوجَبُهَا، وَوَجَبَ حَمْلُ اللَّفْظِ الْعَامِّ عَلَى مَا عَدَاهَا كَسَائِرِ نَظَائِرِهِ، وَإِذَا خَصَّصْتُمْ تِلْكَ الْعُمُومَاتِ بِالْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ وَالْمَرِيضِ الَّذِي يُرْجَى بُرْؤُهُ وَالْحَالِ الْمُحَرِّمَةِ لِلِاسْتِيفَاءِ كَشِدَّةِ الْمَرَضِ أَوِ الْبَرْدِ أَوِ الْحَرِّ فَمَا الْمَانِعُ مِنْ تَخْصِيصِهَا بِهَذِهِ الْأَدِلَّةِ؟ وَإِنْ قُلْتُمْ لَيْسَ ذَلِكَ تَخْصِيصًا، بَلْ تَقْيِيدًا لِمُطْلَقِهَا، كِلْنَا لَكُمْ بِهَذَا الصَّاعِ سَوَاءً بِسَوَاءٍ.
وَأَمَّا قَتْلُ ابن خطل، فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ كَانَ فِي وَقْتِ الْحِلِّ، وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَطَعَ الْإِلْحَاقَ، وَنَصَّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِهِ، وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( «وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ» ) صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ إِنَّمَا أُحِلَّ لَهُ سَفْكُ دَمٍ حَلَالٍ فِي غَيْرِ الْحَرَمِ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ خَاصَّةً، إِذْ لَوْ كَانَ حَلَالًا فِي كُلِّ وَقْتٍ لَمْ يَخْتَصَّ بِتِلْكَ السَّاعَةِ، وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ الدَّمَ الْحَلَالَ فِي غَيْرِهَا حَرَامٌ فِيهَا، فِيمَا عَدَا تِلْكَ السَّاعَةِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ ( «الْحَرَمُ لَا يُعِيذُ عَاصِيًا» ) فَهُوَ مِنْ كَلَامِ الْفَاسِقِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ الْأَشْدَقِ، يَرُدُّ بِهِ حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ رَوَى لَهُ أبو شريح الكعبي هَذَا الْحَدِيثَ كَمَا جَاءَ مُبَيَّنًا فِي " الصَّحِيحِ "، فَكَيْفَ يُقَدَّمُ عَلَى قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَأَمَّا قَوْلُكُمْ: لَوْ كَانَ الْحَدُّ وَالْقِصَاصُ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ، لَمْ يُعِذْهُ الْحَرَمُ مِنْهُ، فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِيهَا قَوْلَانِ لِلْعُلَمَاءِ، وَهُمَا رِوَايَتَانِ مَنْصُوصَتَانِ عَنِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، فَمَنْ مَنَعَ الِاسْتِيفَاءَ نَظَرَ إِلَى عُمُومِ الْأَدِلَّةِ الْعَاصِمَةِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى النَّفْسِ وَمَا دُونَهَا، وَمَنْ فَرَّقَ قَالَ: سَفْكُ الدَّمِ إِنَّمَا يَنْصَرِفُ إِلَى الْقَتْلِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَحْرِيمِهِ فِي الْحَرَمِ تَحْرِيمُ مَا دُونَهُ؛ لِأَنَّ حُرْمَةَ النَّفْسِ أَعْظَمُ وَالِانْتِهَاكَ بِالْقَتْلِ أَشَدُّ، قَالُوا: وَلِأَنَّ الْحَدَّ بِالْجَلْدِ أَوِ الْقَطْعِ يَجْرِي مَجْرَى التَّأْدِيبِ، فَلَمْ يُمْنَعْ مِنْهُ، كَتَأْدِيبِ السَّيِّدِ عَبْدَهُ، وَظَاهِرُ هَذَا الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ النَّفْسِ وَمَا دُونَهَا فِي ذَلِكَ، قَالَ أبو بكر: هَذِهِ مَسْأَلَةٌ وَجَدْتُهَا لحنبل عَنْ عَمِّهِ، أَنَّ الْحُدُودَ كُلَّهَا تُقَامُ فِي الْحَرَمِ إِلَّا الْقَتْلَ، قَالَ: وَالْعَمَلُ عَلَى أَنَّ كُلَّ جَانٍ دَخَلَ الْحَرَمَ لَمْ يُقَمْ عَلَيْهِ الْحَدُّ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْهُ، قَالُوا: وَحِينَئِذٍ فَنُجِيبُكُمْ بِالْجَوَابِ الْمُرَكَّبِ، وَهُوَ أَنَّهُ إِنْ كَانَ بَيْنَ النَّفْسِ وَمَا دُونَهَا فِي ذَلِكَ فَرْقٌ مُؤَثِّرٌ بَطَلَ الْإِلْزَامُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ مُؤَثِّرٌ، سَوَّيْنَا

نام کتاب : زاد المعاد في هدي خير العباد نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 392
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست