responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : زاد المعاد في هدي خير العباد نویسنده : ابن القيم    جلد : 2  صفحه : 330
قَضَى عَلَيْهِ، فَقَالَ ( «حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ» ) فَقَالَ: ( «إِنَّ اللَّهَ يَلُومُ عَلَى الْعَجْزِ، وَلَكِنْ عَلَيْكَ بِالْكَيْسِ، فَإِذَا غَلَبَكَ أَمْرٌ فَقُلْ: حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ» ) فَهَذَا قَالَ ( «حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ» ) بَعْدَ عَجْزِهِ عَنِ الْكَيْسِ، الَّذِي لَوْ قَامَ بِهِ، لَقُضِيَ لَهُ عَلَى خَصْمِهِ، فَلَوْ فَعَلَ الْأَسْبَابَ الَّتِي يَكُونُ بِهَا كَيِّسًا، ثُمَّ غُلِبَ فَقَالَ: ( «حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ» ) لَكَانَتِ الْكَلِمَةُ قَدْ وَقَعَتْ مَوْقِعَهَا، كَمَا أَنَّ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلَ، لَمَّا فَعَلَ الْأَسْبَابَ الْمَأْمُورَ بِهَا، وَلَمْ يَعْجِزْ بِتَرْكِهَا، وَلَا بِتَرْكِ شَيْءٍ مِنْهَا، ثُمَّ غَلَبَهُ عَدُوُّهُ، وَأَلْقَوْهُ فِي النَّارِ، قَالَ فِي تِلْكَ الْحَالِ: ( «حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ» ) فَوَقَعَتِ الْكَلِمَةُ مَوْقِعَهَا، وَاسْتَقَرَّتْ فِي مَظَانِّهَا، فَأَثَّرَتْ أَثَرَهَا، وَتَرَتَّبَ عَلَيْهَا مُقْتَضَاهَا.

[التَّوَكُّلُ]
وَكَذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَصْحَابُهُ، يَوْمَ أُحُدٍ، لَمَّا قِيلَ لَهُمْ بَعْدَ انْصِرَافِهِمْ مِنْ أُحُدٍ: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ} [آل عمران: 173] فَتَجَهَّزُوا وَخَرَجُوا لِلِقَاءِ عَدُوِّهِمْ، وَأَعْطَوْهُمُ الْكَيْسَ مِنْ نُفُوسِهِمْ، ثُمَّ قَالُوا: {حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} [آل عمران: 173] فَأَثَّرَتِ الْكَلِمَةُ أَثَرَهَا، وَاقْتَضَتْ مُوجَبَهَا، وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق: 2] [الطَّلَاقِ: 2] فَجَعَلَ التَّوَكُّلَ بَعْدَ التَّقْوَى الَّذِي هُوَ قِيَامُ الْأَسْبَابِ الْمَأْمُورِ بِهَا، فَحِينَئِذٍ إِنْ تَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ، فَهُوَ حَسْبُهُ، وَكَمَا قَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [المائدة: 11] [الْمَائِدَةِ: 11] فَالتَّوَكُّلُ وَالْحَسْبُ بِدُونِ قِيَامِ

نام کتاب : زاد المعاد في هدي خير العباد نویسنده : ابن القيم    جلد : 2  صفحه : 330
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست