responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : زاد المعاد في هدي خير العباد نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 72
إِسْحَاقَ، فَكَانَتِ الْقِرَاءَةُ {وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ} [هود: 71] أَيْ: وَيَعْقُوبُ مِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ. قِيلَ لَا يَمْنَعُ الرَّفْعُ أَنْ يَكُونَ يَعْقُوبُ مُبَشَّرًا بِهِ؛ لِأَنَّ الْبِشَارَةَ قَوْلٌ مَخْصُوصٌ، وَهِيَ أَوَّلُ خَبَرٍ سَارٍّ صَادِقٍ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ} [هود: 71] جُمْلَةٌ مُتَضَمِّنَةٌ لِهَذِهِ الْقُيُودِ، فَتَكُونُ بِشَارَةً، بَلْ حَقِيقَةُ الْبِشَارَةِ هِيَ الْجُمْلَةُ الْخَبَرِيَّةُ. وَلَمَّا كَانَتِ الْبِشَارَةُ قَوْلًا كَانَ مَوْضِعُ هَذِهِ الْجُمْلَةِ نَصْبًا عَلَى الْحِكَايَةِ بِالْقَوْلِ، كَأَنَّ الْمَعْنَى: وَقُلْنَا لَهَا: مِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبُ، وَالْقَائِلُ إِذَا قَالَ: بَشَّرْتُ فُلَانًا بِقُدُومِ أَخِيهِ وَثِقَلِهِ فِي أَثَرِهِ لَمْ يُعْقَلْ مِنْهُ إِلَّا بِشَارَتُهُ بِالْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا. هَذَا مِمَّا لَا يَسْتَرِيبُ ذُو فَهْمٍ فِيهِ الْبَتَّةَ، ثُمَّ يُضْعِفُ الْجَرَّ أَمْرٌ آخَرُ وَهُوَ ضَعْفُ قَوْلِكَ: مَرَرْتُ بِزَيْدٍ وَمِنْ بَعْدِهِ عَمْرٍو، وَلِأَنَّ الْعَاطِفَ يَقُومُ مَقَامَ حَرْفِ الْجَرِّ، فَلَا يُفْصَلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَجْرُورِ، كَمَا لَا يُفْصَلُ بَيْنَ حَرْفِ الْجَرِّ وَالْمَجْرُورِ. وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لَمَّا ذَكَرَ قِصَّةَ إِبْرَاهِيمَ وَابْنِهِ الذَّبِيحِ فِي سُورَةِ (الصَّافَّاتِ) قَالَ: {فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ - وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَاإِبْرَاهِيمُ - قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ - إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ - وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ - وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ - سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ - كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ - إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ} [الصافات: 103 - 111] [الصَّافَّاتِ: 103 - 111] . ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: {وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ} [الصافات: 112] [الصَّافَّاتِ: 112] . فَهَذِهِ بِشَارَةٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ شُكْرًا عَلَى صَبْرِهِ عَلَى مَا أُمِرَ بِهِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ جِدًّا فِي أَنَّ الْمُبَشَّرَ بِهِ غَيْرُ الْأَوَّلِ، بَلْ هُوَ كَالنَّصِّ فِيهِ.
فَإِنْ قِيلَ: فَالْبِشَارَةُ الثَّانِيَةُ وَقَعَتْ عَلَى نُبُوَّتِهِ، أَيْ لَمَّا صَبَرَ الْأَبُ عَلَى مَا أُمِرَ بِهِ وَأَسْلَمَ الْوَلَدُ لِأَمْرِ اللَّهِ جَازَاهُ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ بِأَنْ أَعْطَاهُ النُّبُوَّةَ.
قِيلَ: الْبِشَارَةُ وَقَعَتْ عَلَى الْمَجْمُوعِ: عَلَى ذَاتِهِ وَوُجُودِهِ، وَأَنْ يَكُونَ نَبِيًّا، وَلِهَذَا نُصِبَ " نَبِيًّا " عَلَى الْحَالِ الْمُقَدَّرِ، أَيْ: مُقَدَّرًا نُبُوَّتَهُ، فَلَا يُمْكِنُ إِخْرَاجُ الْبِشَارَةِ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَصْلِ، ثُمَّ تُخَصُّ بِالْحَالِ التَّابِعَةِ الْجَارِيَةِ مَجْرَى الْفَضْلَةِ، هَذَا مُحَالٌ مِنَ الْكَلَامِ، بَلْ إِذَا وَقَعَتِ الْبِشَارَةُ عَلَى نُبُوَّتِهِ فَوُقُوعُهَا عَلَى وُجُودِهِ أَوْلَى وَأَحْرَى.

نام کتاب : زاد المعاد في هدي خير العباد نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 72
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست