responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 4  صفحه : 86
وَيُوَضِّحُهُ الْوَجْهُ السَّابِعُ: أَنَّ الْخُلْعَ إنْ قِيلَ " إنَّهُ طَلَاقٌ " فَقَدْ اتَّفَقَا عَلَى الطَّلَاقِ بِعِوَضٍ لِمَصْلَحَةٍ لَهُمَا فِي ذَلِكَ، فَمَا الَّذِي يُحَرِّمُهُ؟ وَإِنْ قِيلَ " إنَّهُ فُسِخَ " فَلَا رَيْبَ أَنَّ النِّكَاحَ مِنْ الْعُقُودِ اللَّازِمَةِ، وَالْعَقْدُ اللَّازِمُ إذَا اتَّفَقَ الْمُتَعَاقِدَانِ عَلَى فَسْخِهِ وَرَفْعِهِ لَمْ يَمْنَعَا مِنْ ذَلِكَ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَقْدُ حَقًّا لِلَّهِ، وَالنِّكَاحُ مَحْضُ حَقِّهِمَا، فَلَا يُمْنَعَانِ مِنْ الِاتِّفَاقِ عَلَى فَسْخِهِ.
الْوَجْهُ الثَّامِنُ: أَنَّ الْآيَةَ اقْتَضَتْ جَوَازَ الْخُلْعِ إذَا خَافَ الزَّوْجَانِ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ، فَكَانَ الْخُلْعُ طَرِيقًا إلَى تَمَكُّنِهِمَا مِنْ إقَامَةِ حُدُودِ اللَّهِ، وَهِيَ حُقُوقُهُ الْوَاجِبَةُ عَلَيْهِمَا فِي النِّكَاحِ، فَإِذَا كَانَ الْخُلْعُ مَعَ اسْتِقَامَةِ الْحَالِ طَرِيقًا إلَى تَمَكُّنِهِمَا مِنْ إقَامَةِ حُدُودِهِ الَّتِي تَعَطَّلَ وَلَا بُدَّ بِدُونِ الْخُلْعِ تَعَيُّنُ الْخُلْعِ حِينَئِذٍ طَرِيقًا إلَى إقَامَتِهَا.
فَإِنْ قِيلَ: لَا يَتَعَيَّنُ الْخُلْعُ طَرِيقًا، بَلْ هَاهُنَا طَرِيقَانِ آخَرَانِ، أَحَدُهُمَا: مُفَارَقَتُهُمَا، وَالثَّانِي: عَدَمُ إلْزَامِ الطَّلَاقِ بِالْحِنْثِ إذَا أَخْرَجَهُ مَخْرَجَ الْيَمِينِ إمَّا بِكَفَّارَةٍ أَوْ بِدُونِهَا، كَمَا هِيَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ لِلسَّلَفِ مَعْرُوفَةٌ صَرَّحَ بِهَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ وَغَيْرُهُ.
قِيلَ: نَعَمْ هَذَانِ طَرِيقَانِ، وَلَكِنْ إذَا أَحْكَمَ سَدَّهُمَا غَايَةَ الْإِحْكَامِ، لَمْ يُمَكِّنْهُ سُلُوكَ أَحَدِهِمَا، وَأَيَّهُمَا سَلَكَ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ غَايَةُ الضَّرَرِ فِي دِينِهِ وَدُنْيَاهُ لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ - وَالْحَالَةُ هَذِهِ - سُلُوكُ طَرِيقِ الْخُلْعِ، وَتَعَيَّنَ فِي حَقِّهِ طَرِيقَانِ: إمَّا طَرِيقُ الْخُلْعِ، وَإِمَّا سُلُوكُ طَرِيقِ أَرْبَابِ اللَّعْنَةِ.
وَهَذِهِ الْمَوَاضِعُ وَأَمْثَالُهَا لَا تَحْتَمِلُهَا إلَّا الْعُقُولُ الْوَاسِعَةُ الَّتِي لَهَا إشْرَافٌ عَلَى أَسْرَارِ الشَّرِيعَةِ وَمَقَاصِدِهَا وَحِكَمِهَا، وَأَمَّا عَقْلٌ لَا يَتَّسِعُ لِغَيْرِ تَقْلِيدِ مَنْ اتَّفَقَ لَهُ تَقْلِيدُهُ وَتَرْكِ جَمِيعِ أَقْوَالِ أَهْلِ الْعِلْمِ لِقَوْلِهِ فَلَيْسَ الْكَلَامُ مَعَهُ.
الْوَجْهُ التَّاسِعُ: أَنَّ غَايَةَ مَا مَنَعَ الْمَانِعُونَ مِنْ صِحَّةِ هَذَا الْخُلْعِ أَنَّهُ حِيلَةٌ، وَالْحِيَلُ بَاطِلَةٌ؛ وَمُنَازَعُوهُمْ يُنَازِعُونَهُمْ فِي كِلْتَا الْمُقَدِّمَتَيْنِ، فَيَقُولُونَ: الِاعْتِبَارُ فِي الْعُقُودِ بِصُوَرِهَا دُونَ نِيَّاتِهَا وَمَقَاصِدِهَا، فَلَيْسَ لَنَا أَنْ نَسْأَلَ الزَّوْجَ إذَا أَرَادَ خُلْعَ امْرَأَتِهِ: مَا أَرَدْت بِالْخُلْعِ؟ وَمَا السَّبَبُ الَّذِي حَمَلَك عَلَيْهِ؟ هَلْ هُوَ الْمُشَاقَّةُ أَوْ التَّخَلُّصُ مِنْ الْيَمِينِ؟ بَلْ نُجْرِي حُكْمَ التَّخَالُعِ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَنَكِلُ سَرَائِرَ الزَّوْجَيْنِ إلَى اللَّهِ، قَالُوا: وَلَوْ ظَهَرَ لَنَا قَصْدُ الْحِيلَةِ فَالشَّأْنُ فِي الْمُقَدِّمَةِ الثَّانِيَةِ، فَلَيْسَ كُلُّ حِيلَةٍ بَاطِلَةٍ مُحَرِّمَةً، وَهَلْ هَذَا الْفَصْلُ الطَّوِيلُ الَّذِي نَحْنُ فِيهِ إلَّا فِي أَقْسَامِ الْحِيَلِ؟ وَالْحِيلَةُ الْمُحَرَّمَةُ الْبَاطِلَةُ هِيَ الَّتِي تَتَضَمَّنُ تَحْلِيلَ مَا حَرَّمَهُ اللَّهُ أَوْ تَحْرِيمَ مَا أَحَلَّهُ اللَّهُ أَوْ إسْقَاطَ مَا أَوْجَبَهُ؟ وَأَمَّا حِيلَةٌ تَتَضَمَّنُ الْخَلَاصَ مِنْ الْآصَارِ وَالْأَغْلَالِ

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 4  صفحه : 86
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست