responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 4  صفحه : 85
الْحَاجَةُ إلَيْهِ أَوْ إلَى التَّحْلِيلِ كَانَ أَوْلَى مِنْ التَّحْلِيلِ مِنْ وُجُوهٍ عَدِيدَةٍ؛ أَحَدُهَا: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى شَرَعَ الْخُلْعَ رَفْعًا لِمَفْسَدَةِ الْمَشَاقَّةِ الْوَاقِعَةِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، وَتَخَلُّصِ كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ؛ فَإِذَا شَرَعَ الْخُلْعَ رَفْعًا لِهَذِهِ الْمَفْسَدَةِ الَّتِي هِيَ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَفْسَدَةِ التَّحْلِيلِ كَتَفْلَةٍ فِي بَحْرٍ فَتَسْوِيغُهُ لِدَفْعِ مَفْسَدَةِ التَّحْلِيلِ أَوْلَى.
يُوَضِّحُهُ الْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّ الْحِيَلَ الْمُحَرَّمَةَ إنَّمَا مُنِعَ مِنْهَا لِمَا تَتَضَمَّنُهُ مِنْ الْفَسَادِ الَّذِي اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ تِلْكَ الْمُحَرَّمَاتِ الَّتِي يَتَحَيَّلُ عَلَيْهَا بِهَذِهِ الْحِيَلِ، وَأَمَّا حِيلَةٌ تَرْفَعُ مَفْسَدَةً هِيَ مِنْ أَعْظَمِ الْمَفَاسِدِ فَإِنَّ الشَّارِعَ لَا يُحَرِّمُهَا.
يُوَضِّحُهُ الْوَجْهُ الثَّالِثُ أَنَّ هَذِهِ الْحِيلَةُ تَتَضَمَّنُ مَصْلَحَةَ بَقَاءِ النِّكَاحِ الْمَطْلُوبِ لِلشَّارِعِ بَقَاؤُهُ، وَدَفْعُ مَفْسَدَةِ التَّحْلِيلِ الَّتِي بَالَغَ الشَّارِعُ كُلَّ الْمُبَالَغَةِ فِي دَفْعِهِ وَالْمَنْعِ مِنْهُ وَلَعْنِ أَصْحَابِهِ، فَحِيلَةٌ تُحَصِّلُ الْمَصْلَحَةَ الْمَطْلُوبَ إيجَادُهَا وَتَدْفَعُ الْمَفْسَدَةَ الْمَطْلُوبَ إعْدَامُهَا لَا يَكُونُ مَمْنُوعًا مِنْهَا.
الْوَجْهُ الرَّابِعُ: أَنَّ مَا حَرَّمَهُ الشَّارِعُ فَإِنَّمَا حَرَّمَهُ لِمَا يَتَضَمَّنُهُ مِنْ الْمَفْسَدَةِ الْخَالِصَةِ أَوْ الرَّاجِحَةِ، فَإِذَا كَانَتْ مَصْلَحَةً خَاصَّةً أَوْ رَاجِحَةً لَمْ يُحَرِّمْهُ أَلْبَتَّةَ، وَهَذَا الْخُلْعُ مَصْلَحَتُهُ أَرْجَحُ مِنْ مَفْسَدَتِهِ.
الْوَجْهُ الْخَامِسُ: أَنَّ غَايَةَ مَا فِي [هَذَا] الْخُلْعِ اتِّفَاقُ الزَّوْجَيْنِ وَرِضَاهُمَا بِفَسْخِ النِّكَاحِ بِغَيْرِ شِقَاقٍ وَاقِعٍ بَيْنَهُمَا، وَإِذَا وَقَعَ الْخُلْعُ مِنْ غَيْرِ شِقَاقٍ صَحَّ، وَكَانَ غَايَتُهُ الْكَرَاهِيَةَ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ مَفْسَدَةِ الْمُفَارَقَةِ، وَهَذَا الْخُلْعُ أُرِيدَ لَهُ لَمُّ شَعَثِ النِّكَاحِ بِحُصُولِ عَقْدٍ بَعْدَهُ يَتَمَكَّنُ الزَّوْجَانِ فِيهِ مِنْ الْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ، وَبِدُونِهِ لَا يَتَمَكَّنَانِ مِنْ ذَلِكَ، بَلْ إمَّا خَرَابُ الْبَيْتِ وَفِرَاقُ الْأَهْلِ، وَإِمَّا التَّعَرُّضُ لِلَعْنَةِ مَنْ لَا يَقُومُ لِلَعْنَتِهِ شَيْءٌ، وَإِمَّا الْتِزَامُ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ فَسَادُ دُنْيَاهُ وَأُخْرَاهُ كَمَا إذَا حَلَفَ لَيَقْتُلَنَّ وَلَدَهُ الْيَوْمَ، أَوْ لَيَشْرَبَنَّ هَذَا الْخَمْرَ، أَوْ لَيَطَأَنَّ هَذَا الْفَرْجَ الْحَرَامَ، أَوْ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَأْكُلُ وَلَا يَشْرَبُ وَلَا يَسْتَظِلُّ بِسَقْفٍ وَلَا يُعْطِي فُلَانًا حَقَّهُ، وَنَحْوَ ذَلِكَ، فَإِذَا دَارَ الْأَمْرُ بَيْنَ مَفْسَدَةِ الْتِزَامِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ أَوْ مَفْسَدَةِ الطَّلَاقِ وَخَرَابِ الْبَيْتِ وَشَتَاتِ الشَّمْلِ أَوْ مَفْسَدَةِ الْتِزَامِ لَعْنَةِ اللَّهِ بِارْتِكَابِ التَّحْلِيلِ وَبَيْنَ ارْتِكَابِ الْخُلْعِ الْمُخَلِّصِ مِنْ ذَلِكَ جَمِيعِهِ لَمْ يَخْفَ عَلَى الْعَاقِلِ أَيَّ ذَلِكَ أَوْلَى.
الْوَجْهُ السَّادِسُ: أَنَّهُمَا لَوْ اتَّفَقَا عَلَى أَنْ يُطَلِّقَهَا مِنْ غَيْرِ شِقَاقٍ بَيْنَهُمَا، بَلْ لِيَأْخُذَ غَيْرَهَا، لَمْ يُمْنَعْ مِنْ ذَلِكَ، فَإِذَا اتَّفَقَا عَلَى الْخُلْعِ لِيَكُونَ سَبَبًا إلَى دَوَامِ اتِّصَالِهِمَا كَانَ أَوْلَى، وَأَحْرَى.

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 4  صفحه : 85
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست