responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 4  صفحه : 75
الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُمَا، وَقَبِلَهُمَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِيمَنْ تَزَوَّجَ فِي الْعِدَّةِ، وَهُوَ يَعْلَمُ: يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا، وَلَا تَحِلُّ لَهُ أَبَدًا، وَنَظَائِرُ ذَلِكَ كَثِيرَةٌ؛ فَمُعَاقَبَةُ الْمَرْأَةِ هَاهُنَا بِنَقِيضِ قَصْدِهَا هُوَ مَحْضُ الْقِيَاسِ وَالْفِقْهِ، وَلَا يُنْتَقَضُ هَذَا عَلَى أَشْهَبَ بِمَسْأَلَةِ الْمُخَيَّرَةِ وَمَنْ جَعَلَ طَلَاقَهَا بِيَدِهَا؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ قَدْ مَلَّكَهَا ذَلِكَ وَجَعَلَهُ بِيَدِهَا بِخِلَافِ الْحَالِفِ فَإِنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ طَلَاقَهَا بِنَفْسِهِ، وَلَا جَعَلَهُ بِيَدِهَا بِالْيَمِينِ، حَتَّى لَوْ قَصَدَ ذَلِكَ فَقَالَ: " إنْ أَعْطَيْتنِي أَلْفًا فَأَنْتِ طَالِقٌ " أَوْ " إنْ أَبْرَأَتْنِي مِنْ جَمِيعِ حُقُوقِك فَأَنْتِ طَالِقٌ " فَأَعْطَتْهُ أَوْ أَبْرَأَتْهُ طَلُقَتْ.
وَلَا رَيْبَ أَنَّ هَذَا الَّذِي قَالَ أَشْهَبُ أَفْقَهُ مِنْ الْقَوْلِ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ؛ فَإِنَّ الزَّوْجَ إنَّمَا قَصَدَ حَضَّهَا وَمَنْعَهَا، وَلَمْ يَقْصِدْ تَفْوِيضَ الطَّلَاقِ إلَيْهَا، وَلَا خَطَرَ ذَلِكَ بِقَلْبِهِ، وَلَا قَصَدَ وُقُوعَ الطَّلَاقِ عِنْدَ الْمُخَالَفَةِ، وَمَكَانُ أَشْهَبَ مِنْ الْعِلْمِ وَالْإِمَامَةِ غَيْرُ مَجْهُولٍ؛ فَذَكَرَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي كِتَابِ الِانْتِقَاءِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَيِّ قَالَ: أَشْهَبُ أَفْقَهُ مِنْكُمْ وَمِنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مِائَةَ مَرَّةٍ، وَأَنْكَرَ ابْنُ كِنَانَةَ ذَلِكَ، قَالَ: لَيْسَ عِنْدَنَا كَمَا قَالَ مُحَمَّدٌ، وَإِنَّمَا قَالَهُ لِأَنَّ أَشْهَبَ شَيْخُهُ وَمُعَلِّمُهُ، قَالَ أَبُو عُمَرَ: أَشْهَبُ شَيْخُهُ وَمُعَلِّمُهُ، وَابْنُ الْقَاسِمِ شَيْخُهُ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمَا لِكَثْرَةِ مُجَالَسَتِهِ لَهُمَا، وَأَخْذِهِ عَنْهُمَا.

[فَصْلٌ هَلْ الْحَلِفُ بِالطَّلَاقِ يَمِينٌ أَوْ لَا]
فَصْلٌ:
[هَلْ الْحَلِفُ بِالطَّلَاقِ يَمِينٌ أَوْ لَا؟]
الْمَخْرَجُ الثَّامِنُ: أَخْذُهُ بِقَوْلِ مَنْ يَقُولُ إنَّ الْحَلِفَ بِالطَّلَاقِ لَا يَلْزَمُ، وَلَا يَقَعُ عَلَى الْحَانِثِ بِهِ طَلَاقٌ، وَلَا يَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ وَلَا غَيْرِهَا، وَهَذَا مَذْهَبُ خَلْقٍ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ، صَحَّ ذَلِكَ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ. قَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ الْمَالِكِيَّةِ، وَأَهْلُ الظَّاهِرِ: وَلَا يُعْرَفُ لِعَلِيٍّ فِي ذَلِكَ مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ، هَذَا لَفْظُ أَبِي الْقَاسِمِ التَّيْمِيِّ فِي شَرْحِ أَحْكَامِ عَبْدِ الْحَقِّ، وَقَالَهُ قَبْلَهُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ، وَصَحَّ ذَلِكَ عَنْ طَاوُسٍ أَجَلُّ أَصْحَابِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَأَفْقَهُهُمْ عَلَى الْإِطْلَاقِ.
قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ: أَنْبَأَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: الْحَلِفُ بِالطَّلَاقِ لَيْسَ شَيْئًا، قُلْت: أَكَانَ يَرَاهُ يَمِينًا؟ قَالَ: لَا أَدْرِي، وَهَذَا أَصَحُّ إسْنَادٍ عَمَّنْ هُوَ مِنْ أَجَلِّ التَّابِعِينَ، وَأَفْقَهِهِمْ، وَقَدْ وَافَقَهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعِمِائَةِ عَالِمٍ مِمَّنْ بَنَى فِقْهَهُ عَلَى نُصُوصِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ دُونَ الْقِيَاسِ، وَمِنْ آخِرِهِمْ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ.
قَالَ فِي كِتَابِهِ الْمُحَلَّى: مَسْأَلَةٌ الْيَمِينُ بِالطَّلَاقِ لَا يَلْزَمُ، سَوَاءٌ بَرَّ أَوْ حَنِثَ، لَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ، وَلَا طَلَاقَ إلَّا كَمَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى، وَلَا يَمِينَ إلَّا كَمَا شَرَعَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ، ثُمَّ قَرَّرَ

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 4  صفحه : 75
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست