responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 4  صفحه : 76
ذَلِكَ، وَسَاقَ اخْتِلَافَ النَّاسِ فِي ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ: فَهَؤُلَاءِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ، وَشُرَيْحٌ وَطَاوُسٌ لَا يَقْضُونَ بِالطَّلَاقِ عَلَى مَنْ حَلَفَ بِهِ فَحَنِثَ، وَلَا يُعْرَفُ فِي ذَلِكَ لِعَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -.
قُلْت: أَمَّا أَثَرُ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَرَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ الْحَسَنِ أَنَّ رَجُلًا تَزَوَّجَ امْرَأَةً، وَأَرَادَ سَفَرًا، فَأَخَذَهُ أَهْلُ امْرَأَتِهِ، فَجَعَلَهَا طَالِقًا إنْ لَمْ يَبْعَثْ بِنَفَقَتِهَا إلَى شَهْرٍ، فَجَاءَ الْأَجَلُ، وَلَمْ يَبْعَثْ إلَيْهَا بِشَيْءٍ، فَلَمَّا قَدِمَ خَاصَمُوهُ إلَى عَلِيٍّ، فَقَالَ عَلِيٌّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: اضْطَهَدْتُمُوهُ حَتَّى جَعَلَهَا طَالِقًا، فَرَدَّهَا عَلَيْهِ، وَلَا مُتَعَلِّقَ لَهُمْ بِقَوْلِهِ " اضْطَهَدْتُمُوهُ " لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ إكْرَاهٌ، فَإِنَّهُمْ إنَّمَا طَالَبُوهُ بِحَقِّ نَفَقَتِهَا فَقَطْ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِإِكْرَاهٍ عَلَى الطَّلَاقِ وَلَا عَلَى الْيَمِينِ، وَلَيْسَ فِي الْقِصَّةِ أَنَّهُمْ أَكْرَهُوهُ بِالْقَتْلِ أَوْ بِالضَّرْبِ أَوْ بِالْحَبْسِ أَوْ أَخْذِ الْمَالِ عَلَى الْيَمِينِ حَتَّى يَكُونَ يَمِينُ مُكْرَهٍ، وَالسَّائِلُونَ لَمْ يَقُولُوا لِعَلِيٍّ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ أَلْبَتَّةَ، وَإِنَّمَا خَاصَمُوهُ فِي حُكْمِ الْيَمِينِ فَقَطْ، فَنَزَّلَ عَلِيٌّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ ذَلِكَ مَنْزِلَةَ الْمُضْطَهَدِ حَيْثُ لَمْ يُرِدْ طَلَاقَ امْرَأَتِهِ، وَإِنَّمَا أَرَادَ التَّخَلُّصَ إلَى سَفَرِهِ بِالْحَلِفِ، فَالْحَالِفُ وَالْمُضْطَهَدُ كُلٌّ مِنْهُمَا لَمْ يُرِدْ طَلَاقَ امْرَأَتِهِ، فَالْمُضْطَهَدُ مَحْمُولٌ عَلَى الطَّلَاقِ تَكَلَّمَ بِهِ لِيَتَخَلَّصَ مِنْ ضَرَرِ الْإِكْرَاهِ، وَالْحَالِفُ حَلَفَ بِهِ لِيُتَوَصَّلَ إلَى غَرَضِهِ مِنْ الْحَضِّ أَوْ الْمَنْعِ أَوْ التَّصْدِيقِ أَوْ التَّكْذِيبِ وَلَوْ اخْتَلَفَ حَالَ الْحَالِفِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مُكْرَهًا أَوْ مُخْتَارًا لَسَأَلَهُ عَلِيٌّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنْ الْإِكْرَاهِ وَشُرُوطِهِ وَحَقِيقَتِهِ، وَبِأَيِّ شَيْءٍ أُكْرِهَ، وَهَذَا ظَاهِرُ بِحَمْدِ اللَّهِ، فَارْضَ لِلْمُقَلِّدِ بِمَا رَضِيَ لِنَفْسِهِ.
وَأَمَّا أَثَرُ شُرَيْحٍ فَفِي مُصَنَّفِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ شُرَيْحٍ أَنَّهُ خُوصِمَ إلَيْهِ فِي رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ إنْ أَحْدَثَ فِي الْإِسْلَامِ حَدَثًا، فَاكْتَرَى بَغْلًا إلَى حَمَّامِ أَعْيَنَ، فَتَعَدَّى بِهِ إلَى أَصْبَهَانَ فَبَاعَهُ وَاشْتَرَى بِهِ خَمْرًا، فَقَالَ شُرَيْحٌ: إنْ شِئْتُمْ شَهِدْتُمْ عَلَيْهِ أَنَّهُ طَلَّقَهَا، فَجَعَلُوا يُرَدِّدُونَ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ وَيُرَدِّدُ عَلَيْهِمْ، فَلَمْ يَرَهُ حَدَثًا، وَلَا مُتَعَلِّقَ لِقَوْلِ الرَّاوِي - إمَّا مُحَمَّدٌ، وَإِمَّا هِشَامٌ - فَلَمْ يَرَهُ حَدَثًا، فَإِنَّمَا ذَلِكَ ظَنٌّ مِنْهُ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَأَيُّ حَدَثٍ أَعْظَمُ مِمَّنْ تَعَدَّى مِنْ حَمَّامِ أَعْيَنَ، وَهُوَ عَلَى مَسِيرَةِ أَمْيَالٍ يَسِيرَةٍ مِنْ الْكُوفَةِ إلَى أَصْبَهَانَ ثُمَّ بَاعَ بَغْلَ مُسْلِمٍ ظُلْمًا وَاشْتَرَى بِهِ خَمْرًا؟ .
قُلْت: وَالظَّاهِرُ أَنَّ شُرَيْحًا لَمَّا رُدَّتْ عَلَيْهِ الْمَرْأَةُ ظَنَّ مَنْ شَاهَدَ الْقِصَّةَ أَنَّهُ لَمْ يَرَ ذَلِكَ حَدَثًا؛ إذْ لَوْ رَآهُ حَدَثًا لَأَوْقَعَ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ، وَشُرَيْحٌ إنَّمَا رَدَّهَا لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ طَلَاقَ امْرَأَتِهِ، وَإِنَّمَا قَصَدَ الْيَمِينَ فَقَطْ، فَلَمْ يُلْزِمْهُ بِالطَّلَاقِ، فَقَالَ الرَّاوِي فِيهِمْ: فَلَمْ يَرَ ذَلِكَ حَدَثًا، وَشُرَيْحٌ أَفْقَهُ فِي دَيْنِ اللَّهِ أَنْ لَا يَرَى مِثْلَ هَذَا حَدَثًا.

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 4  صفحه : 76
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست