responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 4  صفحه : 69
التَّأْوِيلِ، وَلَمْ يُؤَاخِذْ مَنْ أَكَلَ نَهَارًا فِي الصَّوْمِ عَمْدًا لِأَجْلِ التَّأْوِيلِ، وَلَمْ يُؤَاخِذْ أَصْحَابَهُ حِينَ قَتَلُوا مَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ، وَأَخَذُوا غَنِيمَتَهُ لِأَجْلِ التَّأْوِيلِ، وَلَمْ يُؤَاخِذْ الْمُسْتَحَاضَةَ بِتَرْكِهَا الصَّوْمَ وَالصَّلَاةَ لِأَجْلِ التَّأْوِيلِ، وَلَمْ يُؤَاخِذْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حِينَ تَرَكَ الصَّلَاةَ لَمَّا أَجْنَبَ فِي السَّفَرِ، وَلَمْ يَجِدْ مَاءً، وَلَمْ يُؤَاخِذْ مَنْ تَمَعَّكَ فِي التُّرَابِ كَتَمَعُّكِ الدَّابَّةِ وَصَلَّى لِأَجْلِ التَّأْوِيلِ، وَهَذَا أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُسْتَقْصَى.
وَأَجْمَعَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أَنَّ كُلَّ مَالٍ أَوْ دَمٍ أُصِيبَ بِتَأْوِيلِ الْقُرْآنِ فَهُوَ هَدَرٌ فِي قِتَالِهِمْ فِي الْفِتْنَةِ، قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَقَعَتْ الْفِتْنَةُ، وَأَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُلُّهُمْ مُتَوَافِرُونَ، فَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ كُلَّ مَالٍ أَوْ دَمٍ أُصِيبَ بِتَأْوِيلِ الْقُرْآنِ فَهُوَ هَدَرٌ، أَنْزَلُوهُمْ مَنْزِلَةَ الْجَاهِلِيَّةِ، وَلَمْ يُؤَاخِذْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حِينَ رَمَى حَاطِبَ بْنَ أَبِي بَلْتَعَةَ الْمُؤْمِنَ الْبَدْرِيَّ بِالنِّفَاقِ لِأَجْلِ التَّأْوِيلِ، وَلَمْ يُؤَاخِذْ أُسَيْدَ بْنَ حُضَيْرٍ بِقَوْلِهِ لِسَعْدٍ سَيِّدِ الْخَزْرَجِ: " إنَّك مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنْ الْمُنَافِقِينَ " لِأَجْلِ التَّأْوِيلِ، وَلَمْ يُؤَاخِذْ مَنْ قَالَ عَنْ مَالِكِ بْنِ الدُّخْشُمِْ: " ذَلِكَ الْمُنَافِقُ نَرَى وَجْهَهُ وَحَدِيثَهُ إلَى الْمُنَافِقِينَ " لِأَجْلِ التَّأْوِيلِ، وَلَمْ يُؤَاخِذْ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حِينَ ضَرَبَ صَدْرَ أَبِي هُرَيْرَةَ حَتَّى وَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ وَقَدْ ذَهَبَ لِلتَّبْلِيغِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَمْرِهِ فَمَنَعَهُ عُمَرُ وَضَرَبَهُ وَقَالَ: " ارْجِعْ "، وَأَقَرَّهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى فِعْلِهِ، وَلَمْ يُؤَاخِذْهُ لِأَجْلِ التَّأْوِيلِ.
وَكَمَا رَفَعَ مُؤَاخَذَةَ التَّأْثِيمِ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ وَغَيْرِهَا رَفَعَ مُؤَاخَذَةَ الضَّمَانِ فِي الْأَمْوَالِ وَالْقَضَاءِ فِي الْعِبَادَاتِ، فَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ رَجُلٍ وَامْرَأَتِهِ لِأَمْرٍ يُخَالِفُ مَذْهَبَهُ وَقَوْلُهُ الَّذِي قَلَّدَ فِيهِ بِغَيْرِ حُجَّةٍ؛ فَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ قَدْ تَأَوَّلَ وَقَلَّدَ مَنْ أَفْتَاهُ بِعَدَمِ الْحِنْثِ فَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُحْكَمَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ حَانِثٌ فِي حُكْمِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَلَمْ يَتَعَمَّدْ الْحِنْثَ، بَلْ هَذِهِ فِرْيَةٌ عَلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَعَلَى الْحَالِفِ، وَإِذَا وَصَلَ الْهَوَى إلَى هَذَا الْحَدِّ فَصَاحِبُهُ تَحْتَ الدَّرْكِ، وَلَهُ مَقَامٌ، وَأَيُّ مَقَامٍ بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ يَوْمَ لَا يَنْفَعُهُ شَيْخُهُ وَلَا مَذْهَبُهُ وَمَنْ قَلَّدَهُ، وَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.
وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ: " أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا لِأَجْلِ كَلَامِك لِزَيْدٍ وَخُرُوجِك مِنْ بَيْتِي " فَبَانَ أَنَّهَا لَمْ تُكَلِّمْهُ، وَلَمْ تَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ لَمْ تَطْلُقْ، صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ قَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى فِي الْإِرْشَادِ فَإِنْ قَالَ: " أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ " بِنَصْبِ الْأَلِفِ، وَالْحَالِفُ مِنْ أَهْلِ اللِّسَانِ، فَإِنْ كَانَ تَقَدَّمَ لَهَا دُخُولٌ إلَى تِلْكَ الدَّارِ قَبْلَ الْيَمِينِ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لِلْمَاضِي مِنْ الْفِعْلِ دُونَ الْمُسْتَقْبَلِ، وَإِنْ كَانَتْ لَمْ تَدْخُلْهَا قَبْلَ الْيَمِينِ بِحَالٍ لَمْ تَطْلُقْ، وَإِنْ دَخَلَتْ الدَّارَ بَعْدَ الْيَمِينِ إذَا كَانَ الْحَالِفُ قَصَدَ بِيَمِينِهِ الْفِعْلَ الْمَاضِي دُونَ الْمُسْتَقْبَلِ، لِأَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ إنْ كُنْت دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَإِنْ كَانَ الْحَالِفُ جَاهِلًا بِاللِّسَانِ، وَإِنَّمَا أَرَادَ بِالْيَمِينِ الدُّخُولَ

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 4  صفحه : 69
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست