responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 4  صفحه : 68
فِي الْجَمِيعِ، وَالثَّانِيَةُ: لَا يَحْنَثُ فِي الْجَمِيعِ، وَهُمَا قَوْلَانِ لِلشَّافِعِيِّ وَخَرَّجَ أَبُو الْبَرَكَاتِ رِوَايَةً ثَالِثَةً أَنَّهُ يَحْنَثُ بِالْيَمِينِ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ دُونَ غَيْرِهِمَا مِنْ الْأَيْمَانِ مِنْ نَصِّهِ عَلَى الْفَرْقِ فِي صُورَةِ الْجَاهِلِ وَالنَّاسِي، فَإِنْ أُلْجِئَ أَوْ حَمَلَ أَوْ فَتَحَ فَمَهُ وَأُوجِرَ مَا حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَشْرَبَهُ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الِامْتِنَاعِ لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الِامْتِنَاعِ فَوَجْهَانِ، وَإِذَا لَمْ يَحْنَثْ فَاسْتَدَامَ مَا أُلْجِئَ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ أُلْجِئَ إلَى دُخُولِ دَارٍ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُهَا، فَهَلْ يَحْنَثُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، وَلَوْ حَلَفَ عَلَى غَيْرِهِ مِمَّنْ يَقْصِدُ مَنْعَهُ عَلَى تَرْكِ فِعْلٍ فَفَعَلَهُ مُكْرَهًا أَوْ مُلْجَأً فَهُوَ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ سَوَاءٌ.
فَصْلٌ:
[حُكْمُ الْمُتَأَوِّلِ]
أَمَّا الْمُتَأَوِّلُ فَالصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ كَمَا لَمْ يَأْثَمْ فِي الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ فِيمَا لَوْ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يُفَارِقُ غَرِيمَهُ حَتَّى يَقْبِضَ حَقَّهُ فَأَحَالَهُ بِهِ فَفَارَقَهُ يَظُنُّ أَنَّ ذَلِكَ قَبْضٌ، وَأَنَّهُ بَرَّ فِي يَمِينِهِ، فَحَكَوْا فِيهِ الرِّوَايَاتِ الثَّلَاثَ، وَطَرَدَ هَذَا كُلُّ مُتَأَوِّلٍ ظَنَّ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِمَا فَعَلَهُ؛ فَإِنَّ غَايَتَهُ أَنْ يَكُونَ جَاهِلًا بِالْحِنْثِ، وَفِي الْجَاهِلِ الرِّوَايَاتُ الثَّلَاثُ.
وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فِي حَقِّ الْمُتَأَوِّلِ فَكَذَلِكَ فِي حَقِّ الْمُقَلِّدِ أَوْلَى، فَإِذَا حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَلَّا يُكَلِّمَ فُلَانًا أَوْ لَا يَدْخُلَ دَارِهِ فَأَفْتَاهُ مُفْتٍ بِعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ فِي هَذِهِ الْيَمِينِ، اعْتِقَادًا لِقَوْلِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ وَطَاوُسٍ وَشُرَيْحٍ، أَوْ اعْتِقَادًا لِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْقَفَّالِ فِي صِيغَةِ الِالْتِزَامِ دُونَ صِيغَةِ الشَّرْطِ، أَوْ اعْتِقَادًا لِقَوْلِ أَشْهَبَ -، وَهُوَ أَجَلُّ أَصْحَابِ مَالِكٍ - أَنَّهُ إذَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِفِعْلِ الزَّوْجَةِ أَنَّهُ لَمْ يَحْنَثْ بِفِعْلِهَا، أَوْ اعْتِقَادًا لِقَوْلِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشَّافِعِيِّ أَجَلُّ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ إنَّ الطَّلَاقَ الْمُعَلَّقَ لَا يَصِحُّ كَمَا لَا يَصِحُّ النِّكَاحُ وَالْبَيْعُ وَالْوَقْفُ الْمُعَلَّقُ، وَهُوَ مَذْهَبُ جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ الظَّاهِرِ، لَمْ يَحْنَثْ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ، وَلَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ، وَلَوْ فُرِضَ فَسَادُ هَذِهِ الْأَقْوَالِ كُلِّهَا فَإِنَّهُ إنَّمَا فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ مُتَأَوِّلًا مُقَلِّدًا ظَانًّا أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِهِ، فَهُوَ أَوْلَى بِعَدَمِ الْحِنْثِ مِنْ الْجَاهِلِ وَالنَّاسِي، وَغَايَةُ مَا يُقَالُ فِي الْجَاهِلِ إنَّهُ مُفَرِّطٌ حَيْثُ لَمْ يَسْتَقْصِ، وَلَمْ يَسْأَلْ غَيْرَ مَنْ أَفْتَاهُ، وَهَذَا بِعَيْنِهِ يُقَالُ فِي الْجَاهِلِ إنَّهُ مُفَرِّطٌ حَيْثُ لَمْ يَبْحَثْ، وَلَمْ يَسْأَلْ عَنْ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، فَلَوْ صَحَّ هَذَا الْفَرْقُ لَبَطَلَ عُذْرُ الْجَاهِلِ أَلْبَتَّةَ، فَكَيْفَ وَالْمُتَأَوِّلُ مُطِيعٌ لِلَّهِ مَأْجُورٌ إمَّا أَجْرًا وَاحِدًا أَوْ أَجْرَيْنِ؟ وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُؤَاخِذْ خَالِدًا فِي تَأْوِيلِهِ حِينَ قَتَلَ بَنِي جَذِيمَةَ بَعْدَ إسْلَامِهِمْ، وَلَمْ يُؤَاخِذْ أُسَامَةَ حِينَ قَتَلَ مَنْ قَالَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ لِأَجْلِ

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 4  صفحه : 68
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست