responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 4  صفحه : 47
الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي لَأَقُومَنَّ إنْ شَاءَ اللَّهُ الْقِيَامَ " فَلَمْ يَقُمْ لَمْ يَشَأْ اللَّهُ لَهُ الْقِيَامَ، فَلَمْ يُوجَدْ الشَّرْطُ فَلَمْ يَحْنَثْ، فَهَذَا الْفِقْهُ بِعَيْنِهِ.

[فَصْلٌ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ]
فَصْلٌ:
فَإِنْ قَالَ: " أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ " فَاخْتَلَفَ الَّذِينَ يُصَحِّحُونَ الِاسْتِثْنَاءَ فِي قَوْلِهِ " أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ " هَاهُنَا: هَلْ يَنْفَعُهُ الِاسْتِثْنَاءُ، وَيَمْنَعُ وُقُوعَ الطَّلَاقِ أَوْ لَا يَنْفَعُهُ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ، وَهُمَا وَجْهَانِ لِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، وَالصَّحِيحُ عِنْدَهُمْ: أَنَّهُ لَا يَنْفَعُهُ الِاسْتِثْنَاءُ وَيَقَعُ الطَّلَاقُ، وَالثَّانِي: يَنْفَعُهُ الِاسْتِثْنَاءُ، وَلَا تَطْلُقُ، وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَاَلَّذِينَ لَمْ يُصَحِّحُوا الِاسْتِثْنَاءَ احْتَجُّوا بِأَنَّهُ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ وَعَلَّقَ رَفْعَهُ بِمَشِيئَةٍ لَمْ تُعْلَمْ؛ إذْ الْمَعْنَى قَدْ وَقَعَ عَلَيْك الطَّلَاقُ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَفْعَهُ، وَهَذَا يَقْتَضِي وُقُوعًا مُنَجَّزًا وَرَفْعًا مُعَلَّقًا بِالشَّرْطِ، وَاَلَّذِينَ صَحَّحُوا الِاسْتِثْنَاءَ قَوْلُهُمْ أَفْقَهُ؛ فَإِنَّهُ لَمْ يُوقِعْ طَلَاقًا مُنَجَّزًا، وَإِنَّمَا أَوْقَعَ طَلَاقًا مُعَلَّقًا عَلَى الْمَشِيئَةِ.
فَإِنَّ مَعْنَى كَلَامِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ طَلَاقَك، فَإِنْ شَاءَ عَدَمَهُ لَمْ تَطْلُقِي، بَلْ لَا تَطْلُقِينَ إلَّا بِمَشِيئَتِهِ، فَهُوَ دَاخِلٌ فِي الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ قَوْلِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ، فَإِنَّهُ جَعَلَ مَشِيئَةَ اللَّهِ لِطَلَاقِهَا شَرْطًا فِيهِ، وَهَاهُنَا أَضَافَ إلَى ذَلِكَ جَعْلَهُ عَدَمَ مَشِيئَتِهِ مَانِعًا مِنْ طَلَاقِهَا.
وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَمْرَيْنِ يَسْتَلْزِمُ الْآخَرَ؛ فَقَوْلُهُ: " إنْ شَاءَ اللَّهُ " يَدُلُّ عَلَى الْوُقُوعِ عِنْدَ وُجُودِ الْمَشِيئَةِ صَرِيحًا، وَعَلَى انْتِفَاءِ الْوُقُوعِ عِنْدَ انْتِفَائِهَا لُزُومًا، وَقَوْلُهُ ": إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ " يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْوُقُوعِ عِنْدَ عَدَمِ الْمَشِيئَةِ صَرِيحًا، وَعَلَى الْوُقُوعِ عِنْدَهَا لُزُومًا فَتَأَمَّلْهُ.
فَالصُّورَتَانِ سَوَاءٌ كَمَا سَوَّى بَيْنَهُمَا أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ وَغَيْرُهُمْ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ، وَقَوْلُهُمْ ": إنَّهُ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ وَعَلَّقَ رَفْعَهُ بِمَشِيئَةٍ لَمْ تُعْلَمْ " فَهَذَا بِعَيْنِهِ يَحْتَجُّ بِهِ عَلَيْهِمْ مَنْ قَالَ: إنَّ الِاسْتِثْنَاءَ لَا يَنْفَعُ فِي الْإِيقَاعِ بِحَالٍ؛ فَإِنْ صَحَّتْ هَذِهِ الْحُجَّةُ بَطَلَ الِاسْتِثْنَاءُ فِي الْإِيقَاعِ جُمْلَةً، وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ لَمْ يَصِحَّ الْفَرْقُ، وَهُوَ لَمْ يُوقِعْهُ مُطْلَقًا، وَإِنَّمَا عَلَّقَهُ بِالْمَشِيئَةِ نَفْيًا، وَإِثْبَاتًا كَمَا قَرَّرْنَاهُ؛ فَالطَّلَاقُ مَعَ الِاسْتِثْنَاءِ لَيْسَ بِإِيقَاعٍ.
وَعَلَى هَذَا فَإِذَا قَالَ: " إنْ شَاءَ اللَّهُ "، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ مَعْنَاهَا أَصْلًا، فَهَلْ يَنْفَعُهُ هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ؟ قَالَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ: إذَا قَالَ " أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ "، وَلَا يَدْرِي أَيَّ شَيْءٍ " إنْ شَاءَ اللَّهُ " لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ، قَالُوا: لِأَنَّ الطَّلَاقَ مَعَ الِاسْتِثْنَاءِ لَيْسَ بِإِيقَاعٍ، فَعِلْمُهُ وَجَهْلُهُ سَوَاءٌ، قَالُوا: وَلِهَذَا لَمَّا كَانَ سُكُوتُ الْبِكْرِ رِضًا اسْتَوَى فِيهِ الْعِلْمُ وَالْجَهْلُ، حَتَّى لَوْ زَوَّجَهَا أَبُوهَا فَسَكَتَتْ، وَهِيَ لَا تَعْلَمُ أَنَّ السُّكُوتَ رِضًا صَحَّ النِّكَاحُ، وَلَمْ يُعْتَبَرْ جَهْلُهَا.

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 4  صفحه : 47
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست