responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 4  صفحه : 46
هَذَا تَفْرِيقٌ مِنْهُ بَيْنَ صِحَّةِ تَعْلِيقِ الْعِتْقِ عَلَى الْمِلْكِ وَعَدَمِ صِحَّةِ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ عَلَى النِّكَاحِ، وَهَذَا قَاعِدَةُ مَذْهَبِهِ، وَالْفَرْقُ عِنْدَهُ أَنَّ الْمِلْكَ قَدْ شُرِعَ سَبَبًا؛ لِحُصُولِ الْعِتْقِ كَمِلْكِ ذِي الرَّحِمِ الْمُحَرَّمِ، وَقَدْ يُعْقَدُ الْبَيْعُ سَبَبًا لِحُصُولِ الْعِتْقِ اخْتِيَارًا كَشِرَاءِ مَنْ يُرِيدُ عِتْقَهُ فِي كَفَّارَةٍ أَوْ قُرْبَةٍ أَوْ فِدَاءٍ كَشِرَاءِ قَرِيبِهِ، وَلَمْ يَشْرَعْ اللَّهُ النِّكَاحَ سَبَبًا لِإِزَالَتِهِ أَلْبَتَّةَ؛ فَهَذَا فِقْهُهُ وَفَرْقُهُ، فَقَدْ أَطْلَقَ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ لَا يَنْفَعُ الِاسْتِثْنَاءُ فِي إيقَاعِ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ، وَتَوَقَّفَ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ عَنْهُ، فَتُخَرَّجُ الْمَسْأَلَةُ عَلَى وَجْهَيْنِ صَرَّحَ بِهِمَا الْأَصْحَابُ، وَذَكَرُوا وَجْهًا ثَالِثًا، وَهُوَ أَنَّهُ إنْ قَصَدَ التَّعْلِيقَ وَجَهِلَ اسْتِحَالَةَ الْعِلْمِ بِالْمَشِيئَةِ لَمْ تَطْلُقْ، وَإِنْ قَصَدَ التَّبَرُّكَ أَوْ التَّأَدُّبَ طَلُقَتْ، وَقِيلَ عَنْ أَحْمَدَ: يَقَعُ الْعِتْقُ دُونَ الطَّلَاقِ، وَلَا يَصِحُّ هَذَا التَّفْرِيقُ عَنْهُ، بَلْ هُوَ خَطَأٌ عَلَيْهِ.
قَالَ شَيْخُنَا: وَقَدْ رُوِيَ فِي الْفَرْقِ حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ عَلَى مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ يَرْفَعُهُ: فَلَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى فِعْلٍ يَقْصِدُ بِهِ الْحَضَّ أَوْ الْمَنْعَ كَقَوْلِهِ " أَنْتِ طَالِقٌ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا إنْ شَاءَ اللَّهُ " فَرِوَايَتَانِ مَنْصُوصَتَانِ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ: إحْدَاهُمَا: يَنْفَعُهُ الِاسْتِثْنَاءُ، وَلَا تَطْلُقُ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ؛ لِأَنَّهُ بِهَذَا التَّعْلِيقِ قَدْ صَارَ حَالِفًا، وَصَارَ تَعْلِيقُهُ يَمِينًا بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ، فَصَحَّ اسْتِثْنَاؤُهُ فِيهَا؛ لِعُمُومِ النُّصُوصِ الْمُتَنَاوِلَةِ لِلِاسْتِثْنَاءِ فِي الْحَلِفِ وَالْيَمِينِ.
وَالثَّانِيَةُ: لَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ كَمَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ إنَّمَا يَنْفَعُ فِي الْأَيْمَانِ الْمُكَفِّرَةِ، فَالتَّكْفِيرُ وَالِاسْتِثْنَاءُ مُتَلَازِمَانِ، وَيَمِينُ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ لَا يُكَفَّرَانِ، فَلَا يَنْفَعُ فِيهِمَا الِاسْتِثْنَاءُ، وَمِنْ هُنَا خَرَّجَ شَيْخُنَا عَلَى الْمَذْهَبِ إجْزَاءَ التَّكْفِيرِ فِيهِمَا؛ لِأَنَّ أَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - نَصَّ عَلَى أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْيَمِينِ الْمُكَفَّرَةِ، وَنَصَّ عَلَى أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يَنْفَعُ فِي الْيَمِينِ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ، فَيَخْرُجُ مِنْ نَصِّهِ إجْزَاءُ الْكَفَّارَةِ فِي الْيَمِينِ بِهِمَا، وَهَذَا تَخْرِيجٌ فِي غَايَةِ الظُّهُورِ وَالصِّحَّةِ، وَنَصُّ أَحْمَدَ عَلَى الْوُقُوعِ لَا يُبْطِلُ صِحَّةَ هَذَا التَّخْرِيجِ، كَسَائِرِ نُصُوصِهِ، وَنُصُوصِ غَيْرِهِ مِنْ الْأَئِمَّةِ الَّتِي يُخَرَّجُ مِنْهَا عَلَى مَذْهَبِهِ خِلَافُ مَا نَصَّ عَلَيْهِ.
وَهَذَا أَكْثَرُ، وَأَشْهُرُ مِنْ أَنْ يُذْكَرَ، وَمِنْ أَصْحَابِهِ مَنْ قَالَ: إنْ أَعَادَ الِاسْتِثْنَاءَ إلَى الْفِعْلِ نَفَعَهُ قَوْلًا وَاحِدًا، وَإِنْ أَعَادَهُ إلَى الطَّلَاقِ فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ، وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَ الرِّوَايَتَيْنِ عَلَى اخْتِلَافِ حَالَيْنِ، فَإِنْ أَعَادَهُ إلَى الْفِعْلِ نَفَعَهُ، وَإِنْ أَعَادَهُ إلَى قَوْلِهِ " أَنْتِ طَالِقٌ " لَمْ يَنْفَعْهُ.
وَإِيضَاحُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا قَالَ: " إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ " فَإِنَّهُ تَارَةً يُرِيدُ " فَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ طَلَاقَك " وَتَارَةً يُرِيدُ " إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعْلِيقَ الْيَمِينِ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ " أَيْ: إنْ شَاءَ اللَّهُ عَقْدَ هَذِهِ الْيَمِينَ فَهِيَ مَعْقُودَةٌ، فَيَصِيرُ كَقَوْلِهِ ": وَاَللَّهِ لَأَقُومَنَّ إنْ شَاءَ اللَّهُ " فَإِذَا قَامَ عَلِمْنَا أَنَّ اللَّهَ قَدْ شَاءَ الْقِيَامَ، وَإِنْ لَمْ يَقُمْ عَلِمْنَا أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَشَأْ قِيَامَهُ، فَمَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ، وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ.
فَلَمْ يُوجَدْ الشَّرْطُ فَلَمْ يَحْنَثْ، فَيُنْقَلُ هَذَا بِعَيْنِهِ إلَى الْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ؛ فَإِنَّهُ إذَا قَالَ

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 4  صفحه : 46
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست