responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 4  صفحه : 285
الصِّدِّيقِ الْفُجَاءَةَ السُّلَمِيُّ، وَمِنْ ذَلِكَ اخْتِيَارُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِلنَّاسِ إفْرَادَ الْحَجِّ وَأَنْ يَعْتَمِرُوا فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ، فَلَا يَزَالُ الْبَيْتُ الْحَرَامُ مَعْمُورًا بِالْحُجَّاجِ وَالْمُعْتَمِرِينَ، وَمِنْ ذَلِكَ مَنْعُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - النَّاسَ مِنْ بَيْعِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ، وَقَدْ بَاعُوهُنَّ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَحَيَاةِ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَأَرْضَاهُ، وَمِنْ ذَلِكَ إلْزَامُهُ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ لِمَنْ أَوْقَعَهُ بِفَمٍ وَاحِدٍ عُقُوبَةً لَهُ كَمَا صَرَّحَ هُوَ بِذَلِكَ، وَإِلَّا فَقَدْ كَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبِي بَكْرٍ وَصَدْرًا مِنْ إمَارَتِهِ هُوَ يُجْعَلُ وَاحِدَةً، إلَى أَضْعَافِ ذَلِكَ مِنْ السِّيَاسَاتِ الْعَادِلَةِ الَّتِي سَاسُوا بِهَا الْأُمَّةَ، وَهِيَ مُشْتَقَّةٌ مِنْ أُصُولِ الشَّرِيعَةِ وَقَوَاعِدِهَا.
وَتَقْسِيمُ بَعْضِهِمْ طُرُقَ الْحُكْمِ إلَى شَرِيعَةٍ وَسِيَاسَةٍ كَتَقْسِيمِ غَيْرِهِمْ الدِّينَ إلَى شَرِيعَةٍ وَحَقِيقَةٍ، وَكَتَقْسِيمِ آخَرِينَ الدِّينَ إلَى عَقْلٍ وَنَقْلٍ، وَكُلُّ ذَلِكَ تَقْسِيمٌ بَاطِلٌ، بَلْ السِّيَاسَةُ وَالْحَقِيقَةُ وَالطَّرِيقَةُ وَالْعَقْلُ كُلُّ ذَلِكَ يَنْقَسِمُ إلَى قِسْمَيْنِ: صَحِيحٌ، وَفَاسِدٌ؛ فَالصَّحِيحُ قِسْمٌ مِنْ أَقْسَامِ الشَّرِيعَةِ لَا قَسِيمٌ لَهَا، وَالْبَاطِلُ ضِدُّهَا وَمُنَافِيهَا، وَهَذَا الْأَصْلُ مِنْ أَهَمِّ الْأُصُولِ وَأَنْفَعِهَا، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى حَرْفٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ عُمُومُ رِسَالَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالنِّسْبَةِ إلَى كُلِّ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْعِبَادُ فِي مَعَارِفِهِمْ وَعُلُومِهِمْ وَأَعْمَالِهِمْ، وَأَنَّهُ لَمْ يُحْوِجْ أُمَّتَهُ إلَى أَحَدٍ بَعْدَهُ، وَإِنَّمَا حَاجَتُهُمْ إلَى مَنْ يُبَلِّغُهُمْ عَنْهُ مَا جَاءَ بِهِ، فَلِرِسَالَتِهِ عُمُومَانِ مَحْفُوظَانِ لَا يَتَطَرَّقُ إلَيْهِمَا تَخْصِيصٌ: عُمُومٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُرْسَلِ إلَيْهِمْ، وَعُمُومٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى كُلِّ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مَنْ بُعِثَ إلَيْهِ فِي أُصُولِ الدِّينِ وَفُرُوعِهِ؛ فَرِسَالَتُهُ كَافِيَةٌ شَافِيَةٌ عَامَّةٌ، لَا تُحْوِجُ إلَى سِوَاهَا، وَلَا يَتِمُّ الْإِيمَانُ بِهِ إلَّا بِإِثْبَاتِ عُمُومِ رِسَالَتِهِ فِي هَذَا وَهَذَا، فَلَا يَخْرُجُ أَحَدٌ مِنْ الْمُكَلَّفِينَ عَنْ رِسَالَتِهِ، وَلَا يَخْرُجُ نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ الْحَقِّ الَّذِي تَحْتَاجُ إلَيْهِ الْأُمَّةُ فِي عُلُومِهَا وَأَعْمَالِهَا عَمَّا جَاءَ بِهِ.
[بَيَّنَ الرَّسُولُ جَمِيعَ أَحْكَامِ الْحَيَاةِ وَالْمَوْتِ] وَقَدْ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَا طَائِرٌ يُقَلِّبُ جَنَاحَيْهِ فِي السَّمَاءِ إلَّا ذَكَرَ لِلْأُمَّةِ مِنْهُ عِلْمًا، وَعَلَّمَهُمْ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى آدَابَ التَّخَلِّي وَآدَابَ الْجِمَاعِ وَالنَّوْمِ وَالْقِيَامِ وَالْقُعُودِ، وَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ، وَالرُّكُوبِ وَالنُّزُولِ، وَالسَّفَرِ وَالْإِقَامَةِ، وَالصَّمْتِ وَالْكَلَامِ، وَالْعُزْلَةِ وَالْخُلْطَةِ، وَالْغِنَى وَالْفَقْرِ، وَالصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ، وَجَمِيعِ أَحْكَامِ الْحَيَاةِ وَالْمَوْتِ، وَوَصَفَ لَهُمْ الْعَرْشَ وَالْكُرْسِيَّ وَالْمَلَائِكَةَ وَالْجِنَّ وَالنَّارَ وَالْجَنَّةَ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمَا فِيهِ حَتَّى كَأَنَّهُ رَأْيُ عَيْنٍ، وَعَرَّفَهُمْ مَعْبُودَهُمْ وَإِلَهَهُمْ أَتَمَّ تَعْرِيفٍ حَتَّى كَأَنَّهُمْ يَرَوْنَهُ وَيُشَاهِدُونَهُ بِأَوْصَافِ كَمَالِهِ وَنُعُوتِ جَلَالِهِ، وَعَرَّفَهُمْ الْأَنْبِيَاءَ وَأُمَمَهُمْ وَمَا جَرَى لَهُمْ، وَمَا جَرَى عَلَيْهِمْ مَعَهُمْ حَتَّى كَأَنَّهُمْ كَانُوا بَيْنَهُمْ، وَعَرَّفَهُمْ مِنْ طُرُقِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ دَقِيقَهَا وَجَلِيلَهَا مَا لَمْ يُعَرِّفْهُ نَبِيٌّ لِأُمَّتِهِ قَبْلَهُ، وَعَرَّفَهُمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 4  صفحه : 285
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست