responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 4  صفحه : 143
لِصَاحِبِ الْمَالِ أَنْ يَقِفَ مَا أَرَادَ عَلَى مَنْ أَرَادَ، وَيَشْرُطَ مَا أَرَادَ، وَيَجِبُ عَلَى الْحُكَّامِ وَالْمُفْتِينَ أَنْ يُنَفِّذُوا وَقْفَهُ، وَيُلْزِمُوا بِشُرُوطِهِ، وَأَمَّا مَا قَدْ لَهِجَ بِهِ بَعْضُهُمْ مِنْ قَوْلِهِ " شُرُوطُ الْوَاقِفِ كَنُصُوصِ الشَّارِعِ " فَهَذَا يُرَادُ بِهِ مَعْنًى صَحِيحٌ وَمَعْنًى بَاطِلٌ، فَإِنْ أُرِيدَ أَنَّهَا كَنُصُوصِ الشَّارِعِ فِي الْفَهْمِ وَالدَّلَالَةِ وَتَقْيِيدِ مُطْلَقِهَا بِمُقَيَّدِهَا وَتَقْدِيمِ خَاصِّهَا عَلَى عَامِّهَا، وَالْأَخْذُ فِيهَا بِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا بِخُصُوصِ السَّبَبِ؛ فَهَذَا حَقٌّ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ، وَإِنْ أُرِيدَ أَنَّهَا كَنُصُوصِ الشَّارِعِ فِي وُجُوبِ مُرَاعَاتِهَا وَالْتِزَامِهَا وَتَنْفِيذِهَا فَهَذَا مِنْ أَبْطَلْ الْبَاطِلِ، بَلْ يَبْطُلُ مِنْهَا مَا لَمْ يَكُنْ طَاعَةً لِلَّهِ وَرَسُولِهِ، وَمَا غَيْرُهُ أَحَبُّ إلَى اللَّهِ وَأَرْضَى لَهُ وَلِرَسُولِهِ مِنْهُ، وَيَنْفُذُ مِنْهَا مَا كَانَ قُرْبَةً وَطَاعَةً كَمَا تَقَدَّمَ.
وَلَمَّا نَذَرَ أَبُو إسْرَائِيلَ أَنْ يَصُومَ وَيَقُومَ فِي الشَّمْسِ، وَلَا يَجْلِسُ، وَلَا يَتَكَلَّمُ، أَمَرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَجْلِسَ فِي الظِّلِّ وَيَتَكَلَّمَ وَيُتِمَّ صَوْمَهُ، فَأَلْزَمَهُ بِالْوَفَاءِ بِالطَّاعَةِ، وَنَهَاهُ عَنْ الْوَفَاءِ بِمَا لَيْسَ بِطَاعَةٍ.
وَهَكَذَا أُخْتُ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ لَمَّا نَذَرَتْ الْحَجَّ مَاشِيَةً مَكْشُوفَةَ الرَّأْسِ أَمَرَهَا أَنْ تَخْتَمِرَ وَتَرْكَبَ وَتَحُجَّ وَتُهْدِيَ بَدَنَةً، فَهَكَذَا الْوَاجِبُ عَلَى أَتْبَاعِ الرَّسُولِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ أَنْ يَعْتَمِدُوا فِي شُرُوطِ الْوَاقِفِينَ، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.

[لَا يُطْلِقُ الْمُفْتِي الْجَوَابَ إذَا كَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ تَفْصِيلٌ]
[لَا يُطْلِقُ الْمُفْتِي الْجَوَابَ إذَا كَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ تَفْصِيلٌ] الْفَائِدَةُ الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ:
لَيْسَ لِلْمُفْتِي أَنْ يُطْلِقَ الْجَوَابَ فِي مَسْأَلَةٍ فِيهَا تَفْصِيلٌ إلَّا إذَا عَلِمَ أَنَّ السَّائِلَ إنَّمَا سَأَلَ عَنْ أَحَدِ تِلْكَ الْأَنْوَاعِ، بَلْ إذَا كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ تَحْتَاجُ إلَى التَّفْصِيلِ اسْتَفْصَلَهُ، كَمَا اسْتَفْصَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَاعِزًا لَمَّا أَقَرَّ بِالزِّنَا: هَلْ وَجَدَ مِنْهُ مُقَدِّمَاتِهِ أَوْ حَقِيقَتَهُ؟ فَلَمَّا أَجَابَهُ عَنْ الْحَقِيقَةِ اسْتَفْصَلَهُ: هَلْ بِهِ جُنُونٌ، فَيَكُونُ إقْرَارُهُ غَيْرَ مُعْتَبَرٍ أَمْ هُوَ عَاقِلٌ؟ فَلَمَّا عَلِمَ عَقْلَهُ اسْتَفْصَلَهُ: بِأَنْ أَمَرَ بِاسْتِنْكَاهِهِ؛ لِيَعْلَمَ هَلْ هُوَ سَكْرَانُ أَمْ صَاحٍ؟ فَلَمَّا عَلِمَ أَنَّهُ صَاحٍ اسْتَفْصَلَهُ: هَلْ أُحْصِنَ أَمْ لَا؟ فَلَمَّا عَلِمَ أَنَّهُ قَدْ أُحْصِنَ أَقَامَ عَلَيْهِ الْحَدَّ.
وَمِنْ هَذَا «قَوْلُهُ لِمَنْ سَأَلَتْهُ: هَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إذَا هِيَ احْتَلَمَتْ؟ فَقَالَ نَعَمْ إذَا رَأَتْ الْمَاءَ» فَتَضَمَّنَ هَذَا الْجَوَابُ الِاسْتِفْصَالِ بِأَنَّهَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْغُسْلُ فِي حَالٍ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا فِي حَالٍ.
وَمِنْ ذَلِكَ «أَنَّ أَبَا النُّعْمَانِ بْنَ بَشِيرٍ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَشْهَدَ عَلَى غُلَامٍ نَحَلَهُ ابْنَهُ،

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 4  صفحه : 143
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست