responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 4  صفحه : 129
صَاحِبُك؟ فَقَالَ: لَا وَاَللَّهِ، وَلَكِنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ، هَذَا وَغَيْرُهُ، وَإِنَّمَا هُوَ كَلَامُ اللَّهِ، قُلْت: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} [الأنعام: 1] هَذَا الَّذِي قَرَأْتُ السَّاعَةَ كَلَامُ اللَّهِ؟ قَالَ: إي وَاَللَّهِ هُوَ كَلَامُ اللَّهِ.
وَمَنْ قَالَ " لَفْظِي بِالْقُرْآنِ مَخْلُوقٌ " فَقَدْ جَاءَ بِالْأَمْرِ كُلِّهِ، وَقَالَ الْفَضْلُ بْنُ زِيَادٍ: سَأَلْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ حَدِيثِ ابْنِ شُبْرُمَةَ عَنْ الشَّعْبِيِّ فِي رَجُلٍ نَذَرَ أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ، فَقَالَ لَهُ الشَّعْبِيُّ: أَوْفِ بِنَذْرِك، أَتَرَى ذَلِكَ؟ فَقَالَ: لَا وَاَللَّهِ، وَقَالَ الْفَضْلُ أَيْضًا: سَمِعْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ وَذَكَرَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، فَقَالَ: لَا وَاَللَّهِ، مَا أَدْرَكْنَا مِثْلَهُ.
وَذَكَرَ أَحْمَدُ فِي رِسَالَتِهِ إلَى مُسَدَّدٍ: وَلَا عَيْنٌ نَظَرَتْ بَعْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَيْرًا مِنْ أَبِي بَكْرٍ، وَلَا بَعْدَ أَبِي بَكْرٍ عَيْنٌ نَظَرَتْ خَيْرًا مِنْ عُمَرَ، وَلَا بَعْدَ عُمَرَ عَيْنٌ نَظَرَتْ خَيْرًا مِنْ عُثْمَانَ، وَلَا بَعْدَ عُثْمَانَ عَيْنٌ نَظَرَتْ خَيْرًا مِنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، ثُمَّ قَالَ أَحْمَدُ: هُمْ وَاَللَّهِ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ الْمَهْدِيُّونَ.
وَقَالَ الْمَيْمُونِيُّ: قُلْت لِأَحْمَدَ: جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ، قَالَ: كَانَ يَرَى التَّشَيُّعَ، قُلْت: قَدْ يُتَّهَمُ فِي حَدِيثِهِ بِالْكَذِبِ؟ قَالَ: إي وَاَللَّهِ.
قَالَ الْقَاضِي: فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ اسْتَجَازَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ أَنْ يَحْلِفَ فِي مَسَائِلَ مُخْتَلَفٍ فِيهَا؟ قِيلَ: أَمَّا مَسَائِلُ الْأُصُولِ فَلَا يَسُوغُ فِيهَا اخْتِلَافٌ فَهِيَ إجْمَاعٌ، وَأَمَّا مَسَائِلُ الْفُرُوعِ فَإِنَّهُ لَمَّا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صِحَّةُ ذَلِكَ حَلَفَ عَلَيْهِ، كَمَا لَوْ وَجَدَ فِي دَفْتَرِ أَبِيهِ أَنَّ لَهُ عَلَى فُلَانٍ دَيْنًا جَازَ لَهُ أَنْ يَدَّعِيَهُ لِغَلَبَةِ الظَّنِّ بِصِدْقِهِ، قُلْت: وَيَحْلِفُ عَلَيْهِ، قَالَ: فَإِنْ قِيلَ أَلَيْسَ قَدْ امْتَنَعَ مِنْ الْيَمِينِ عَلَى إسْقَاطِ الشُّفْعَةِ بِالْجِوَارِ، قِيلَ: لِأَنَّ الْيَمِينَ هُنَاكَ عِنْدَ الْحَاكِمِ، وَالنِّيَّةَ فِيهِ لِلْخَصْمِ، قُلْت: وَلَمْ يَمْنَعْ أَحْمَدُ الْيَمِينَ لِهَذَا، بَلْ شُفْعَةُ الْجِوَارِ عِنْدَهُ مِمَّا يُسَوِّغُ الْقَوْلَ بِهَا، وَفِيهَا أَحَادِيثُ صِحَاحٌ لَا تُرَدُّ، وَلِهَذَا اخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِيهَا، فَمَرَّةً نَفَاهَا، وَمَرَّةً أَثْبَتَهَا، وَمَرَّةً فَصَّلَ بَيْنَ أَنْ يَشْتَرِكَا فِي حُقُوقِ الْمِلْكِ كَالطَّرِيقِ وَالْمَاءِ وَغَيْرِهِ، وَبَيْنَ أَلَّا يَشْتَرِكَا فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَلَا يَثْبُتُ.
وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ الَّذِي لَا رَيْبَ فِيهِ، وَبِهِ تَجْتَمِعُ الْأَحَادِيثُ، وَهُوَ اخْتِيَارُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ، وَمَذْهَبُ فُقَهَاءِ الْبَصْرَةِ، وَلَا يُخْتَارُ غَيْرُهُ، وَقَدْ رَوَى أَحْمَدُ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ أَنَّهُمْ حَلَفُوا فِي الرِّوَايَةِ وَالْفَتْوَى وَغَيْرِهَا تَحْقِيقًا وَتَأْكِيدًا لِلْخَيْرِ لَا إثْبَاتًا لَهُ بِالْيَمِينِ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ} [الذاريات: 23] وَقَالَ تَعَالَى: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [النساء: 65] الْآيَةَ، وَقَالَ تَعَالَى: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} [الحجر: 92] {عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الحجر: 93] ، وَكَذَلِكَ أَقْسَمَ بِكَلَامِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {يس} [يس: 1] {وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ} [يس: 2]

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 4  صفحه : 129
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست