responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 94
وَأَنَّهَا لَيْسَتْ مَقْصُودَةً بِوَجْهٍ، وَأَنَّ دُخُولَهَا كَخُرُوجِهَا - تَهَاوَنُوا بِهَا، وَلَمْ يُبَالُوا بِكَوْنِهَا مِمَّا يُتَمَوَّلُ عَادَةً أَوْ لَا يُتَمَوَّلُ، وَلَمْ يُبَالِ بَعْضُهُمْ بِكَوْنِهَا مَمْلُوكَةً لِلْبَائِعِ أَوْ غَيْرَ مَمْلُوكَةٍ، بَلْ لَمْ يُبَالِ بَعْضُهُمْ بِكَوْنِهَا مِمَّا يُبَاعُ أَوْ مِمَّا لَا يُبَاعُ كَالْمَسْجِدِ وَالْمَنَارَةِ وَالْقَلْعَةِ، وَكُلُّ هَذَا وَقَعَ مِنْ أَرْبَابِ الْحِيَلِ، وَهَذَا لِمَا عَلِمُوا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا غَرَضَ لَهُ فِي السِّلْعَةِ فَقَالُوا: أَيُّ سِلْعَةٍ اتَّفَقَ حُضُورُهَا حَصَلَ بِهَذَا التَّحْلِيلِ، كَأَيِّ تَيْسٍ اتَّفَقَ فِي بَابِ مُحَلِّلِ النِّكَاحِ.
[مَثَلُ مَنْ وَقَفَ مَعَ الظَّوَاهِرِ]
وَمَا مَثَلُ مَنْ وَقَفَ مَعَ الظَّوَاهِرِ وَالْأَلْفَاظِ وَلَمْ يُرَاعِ الْمَقَاصِدَ وَالْمَعَانِيَ إلَّا كَمَثَلِ رَجُلٍ قِيلَ لَهُ: لَا تُسَلِّمْ عَلَى صَاحِبِ بِدْعَةٍ، فَقَبَّلَ يَدَهُ وَرِجْلَهُ وَلَمْ يُسَلِّمْ عَلَيْهِ، أَوْ قِيلَ لَهُ: اذْهَبْ فَامْلَأْ هَذِهِ الْجَرَّةَ، فَذَهَبَ فَمَلَأَهَا ثُمَّ تَرَكَهَا عَلَى الْحَوْضِ وَقَالَ: لَمْ تَقُلْ ايتِنِي بِهَا، وَكَمَنْ قَالَ لِوَكِيلِهِ: بِعْ هَذِهِ السِّلْعَةَ، فَبَاعَهَا بِدِرْهَمٍ وَهِيَ تُسَاوِي مِائَةً، وَيَلْزَمُ مَنْ وَقَفَ مَعَ الظَّوَاهِرِ أَنْ يُصَحِّحَ هَذَا الْبَيْعَ وَيَلْزَمَ بِهِ الْمُوَكِّلُ، وَإِنْ نَظَرَ إلَى الْمَقَاصِدِ تَنَاقَضَ حَيْثُ أَلْقَاهَا فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ. وَكَمَنْ أَعْطَاهُ رَجُلٌ ثَوْبًا فَقَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَلْبَسُهُ لِمَا [لَهُ] فِيهِ مِنْ الْمِنَّةِ، فَبَاعَهُ وَأَعْطَاهُ ثَمَنَهُ فَقَبِلَهُ، وَكَمَنْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَشْرَبُ هَذَا الشَّرَابَ، فَجَعَلَهُ عَقِيدًا أَوْ ثَرَدَ فِيهِ خُبْزًا وَأَكَلَهُ، وَيَلْزَمُ مَنْ وَقَفَ مَعَ الظَّوَاهِرِ وَالْأَلْفَاظِ أَنْ لَا يَحُدَّ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِالْخَمْرِ، وَقَدْ أَشَارَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى أَنَّ مِنْ الْأُمَّةِ مَنْ يَتَنَاوَلُ الْمُحَرَّمَ وَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ فَقَالَ: «لَيَشْرَبَنَّ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي الْخَمْرَ يُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا، يُعْزَفُ عَلَى رُءُوسِهِمْ بِالْمَعَازِفِ وَالْمُغَنِّيَاتِ، يَخْسِفُ اللَّهُ بِهِمْ الْأَرْضَ، وَيَجْعَلُ مِنْهُمْ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد.
وَفِي مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ مَرْفُوعًا «يَشْرَبُ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي الْخَمْرَ يُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا» وَفِيهِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «يَشْرَبُ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي الْخَمْرَ بِاسْمٍ يُسَمُّونَهَا إيَّاهُ» وَفِي سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ يَرْفَعُهُ «لَا تَذْهَبُ اللَّيَالِي وَالْأَيَّامُ حَتَّى تَشْرَبَ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي الْخَمْرَ يُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا» قَالَ شَيْخُنَا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَقَدْ جَاءَ حَدِيثٌ آخَرُ يُوَافِقُ هَذَا مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يُسْتَحَلُّ فِيهِ خَمْسَةُ أَشْيَاءَ بِخَمْسَةِ أَشْيَاءَ: يَسْتَحِلُّونَ الْخَمْرَ بِاسْمٍ يُسَمُّونَهَا إيَّاهُ، وَالسُّحْتَ بِالْهَدِيَّةِ، وَالْقَتْلَ بِالرَّهْبَةِ، وَالزِّنَا بِالنِّكَاحِ، وَالرِّبَا بِالْبَيْعِ» وَهَذَا حَقٌّ؛ فَإِنَّ اسْتِحْلَالَ الرِّبَا بِاسْمِ الْبَيْعِ ظَاهِرٌ كَالْحِيَلِ الرِّبَوِيَّةِ الَّتِي صُورَتُهَا صُورَةُ الْبَيْعِ وَحَقِيقَتُهَا حَقِيقَةُ الرِّبَا، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الرِّبَا إنَّمَا حُرِّمَ لِحَقِيقَتِهِ وَمَفْسَدَتِهِ لَا لِصُورَتِهِ وَاسْمِهِ، فَهَبْ أَنَّ الْمُرَابِيَ لَمْ يُسَمِّهِ رِبًا وَسَمَّاهُ بَيْعًا فَذَلِكَ لَا يُخْرِجُ حَقِيقَتَهُ وَمَاهِيَّتَه عَنْ نَفْسِهَا، وَأَمَّا اسْتِحْلَالُ الْخَمْرِ بِاسْمٍ آخَرَ فَكَمَا اسْتَحَلَّ مِنْ اسْتَحَلَّ الْمُسْكِرَ مِنْ غَيْرِ عَصِيرِ الْعِنَبِ وَقَالَ: لَا أُسَمِّيهِ خَمْرًا وَإِنَّمَا هُوَ نَبِيذٌ، وَكَمَا يَسْتَحِلُّهَا طَائِفَةٌ مِنْ الْمُجَّانِ إذَا مُزِجَتْ وَيَقُولُونَ: خَرَجَتْ عَنْ اسْمِ

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 94
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست