responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 5
تَسْمِيَتِهِ، وَقَدْ سَمَّى اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مَا يُؤْتِيه الْعَامِلُ عَلَى عَمَلِهِ أَجْرًا وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ تَسْمِيَةٌ كَمَا قَالَ تَعَالَى عَنْ خَلِيلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: {وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ} [العنكبوت: 27] وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ} [الأحزاب: 31] وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْأَجْرَ مَا يَعُودُ إلَى الْعَامِلِ عِوَضًا عَنْ عَمَلِهِ؛ فَهُوَ كَالثَّوَابِ الَّذِي يَثُوبُ إلَيْهِ: أَيْ يَرْجِعُ مِنْ عَمَلِهِ، وَهَذَا ثَابِتٌ سَوَاءٌ سُمِّيَ أَوْ لَمْ يُسَمَّ، وَقَدْ نَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلَى أَنَّهُ إذَا اُفْتُدِيَ الْأَسِيرُ رَجَعَ عَلَيْهِ بِمَا غَرِمَهُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ فِيهِ. وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِيمَنْ أَدَّى دَيْنَ غَيْرِهِ عَنْهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ؛ فَنَصَّ فِي مَوْضِعٍ عَلَى أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ، فَقِيلَ لَهُ: هُوَ مُتَبَرِّعٌ بِالضَّمَانِ، فَقَالَ: وَإِنْ كَانَ مُتَبَرِّعًا بِالضَّمَانِ، وَنَصَّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ عَلَى أَنَّهُ يَرْجِعُ، فَإِنَّهُ قَالَ: إذَا لَمْ يَقُلْ اقْضِ عَنِّي دَيْنِي كَانَ مُتَبَرِّعًا، وَنَصَّ عَلَى أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى السَّيِّدِ بِنَفَقَةِ عَبْدِهِ الْآبِقِ إذَا رَدَّهُ، وَقَدْ كَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إلَى عَامِلِهِ فِي سَبْيِ الْعَرَبِ وَرَقِيقِهِمْ، وَقَدْ كَانَ التُّجَّارُ اشْتَرَوْهُ فَكَتَبَ إلَيْهِ: أَيُّمَا حُرٌّ اشْتَرَاهُ التُّجَّارُ فَارْدُدْ عَلَيْهِمْ رُءُوسَ أَمْوَالِهِمْ، وَقَدْ قِيلَ: إنَّ جَمِيعَ الْفِرَقِ تَقُولُ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَإِنْ تَنَاقَضُوا وَلَمْ يَطَّرِدُوهَا؛ فَأَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ: إذَا قَضَى بَعْضُ الْوَرَثَةِ دَيْنَ الْمَيِّتِ لِيَتَوَصَّلَ بِذَلِكَ إلَى أَخْذِ حَقِّهِ مِنْ التَّرِكَةِ بِالْقِسْمَةِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى التَّرِكَةِ بِمَا قَضَاهُ، وَهَذَا وَاجِبٌ قَدْ أَدَّاهُ عَنْ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَقَدْ رَجَعَ بِهِ، وَيَقُولُ: إذَا بَنَى صَاحِبُ الْعُلْوِ السُّفْلَ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَالِكِ لَزِمَ الْآخَرَ غَرَامَةُ مَا يَخُصُّهُ، وَإِذَا أَنْفَقَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الرَّهْنِ فِي غَيْبَةِ الرَّاهِنِ رَجَعَ بِمَا أَنْفَقَ، وَإِذَا اشْتَرَى اثْنَانِ مِنْ وَاحِدٍ عَبْدًا بِأَلْفٍ فَغَابَ أَحَدُهُمَا فَأَدَّى الْحَاضِرُ جَمِيعَ الثَّمَنِ لِيَسْتَلِمَ الْعَبْدَ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ. وَالشَّافِعِيُّ يَقُولُ: إذَا أَعَارَ عَبْدَ الرَّجُلِ لِيَرْهَنَهُ فَرَهَنَهُ ثُمَّ إنَّ صَاحِبَ الرَّهْنِ قَضَى الدَّيْنَ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُسْتَعِيرِ وَافْتَكَّ الرَّهْنَ رَجَعَ بِالْحَقِّ، وَإِذَا اسْتَأْجَرَ جِمَالًا لِيَرْكَبَهَا فَهَرَبَ الْجَمَّالُ فَأَنْفَقَ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى الْجِمَالِ رَجَعَ بِمَا أَنْفَقَ.
وَإِذَا سَاقَى رَجُلًا عَلَى نَخْلِهِ فَهَرَبَ الْعَامِلُ فَاسْتَأْجَرَ صَاحِبُ النَّخْلِ مَنْ يَقُومُ مُقَامَةَ رَجَعَ عَلَيْهِ بِهِ، وَاللَّقِيطُ إذَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ أَهْل الْمُحَلَّةِ ثُمَّ اسْتَفَادَ مَالًا رَجَعُوا عَلَيْهِ. وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي الضَّمَانِ فَضَمِنَ ثُمَّ أَدَّى الْحَقَّ بِغَيْرِ إذْنِهِ رَجَعَ عَلَيْهِ. وَأَمَّا الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فَهُمْ أَعْظَمُ النَّاسِ قَوْلًا بِهَذَا الْأَصْلِ، وَالْمَالِكِيَّةُ أَشَدُّ قَوْلًا بِهِ وَمِمَّا يُوَضِّحُ ذَلِكَ أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ قَالُوا فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ: إنَّ هَذِهِ الصُّوَرَ كُلُّهَا أَحْوَجَتْهُ إلَى اسْتِيفَاءِ حَقِّهِ أَوْ حِفْظِ مَالِهِ؛ فَلَوْلَا عِمَارَةُ السُّفْلِ لَمْ يَثْبُتْ الْعُلْوُ، وَلَوْ لَمْ يَقْضِ الْوَارِثُ الْغُرَمَاءَ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ أَخْذِ حَقِّهِ مِنْ التَّرِكَةِ بِالْقِسْمَةِ، وَلَوْ لَمْ يَحْفَظْ الرَّهْنَ بِالْعَلَفِ لَتَلِفَ مَحَلُّ الْوَثِيقَةِ، وَلَوْ لَمْ يَسْتَأْجِرْ عَلَى الشَّجَرِ مَنْ يَقُومُ مَقَامَ الْعَامِلِ لَتَعَطَّلَتْ الثَّمَرَةُ، وَحَقُّهُ مُتَعَلِّقٌ بِذَلِكَ كُلِّهِ، فَإِذَا أَنْفَقَ كَانَتْ نَفَقَتُهُ

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 5
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست