responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 306
ثَمَنَهَا أَوْ أَوْدَعَهُ وَدِيعَةً وَالْوَارِثُ غَائِبٌ لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ، وَسَأَلَ إحْلَافَهُ، فَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ، لَمْ يُقْضَ عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ، وَرُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّهُ مُنْفَرِدٌ بِعِلْمِ ذَلِكَ، فَإِذَا لَمْ يَحْلِفْ لَمْ يُقْضَ لَهُ. وَمِثَالُ الثَّالِثِ: إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ بَاعَهُ أَوْ أَجَرَهُ فَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ، حَلَفَ الْمُدَّعِي وَقُضِيَ لَهُ، فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ لَمْ يُقْضَ لَهُ بِنُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ عَالِمٌ بِصِحَّةِ مَا ادَّعَاهُ، فَإِذَا لَمْ يَحْلِفْ وَلَمْ يُقِمْ لَهُ بَيِّنَةً لَمْ يَكُنْ مُجَرَّدُ نُكُولِ خَصْمِهِ مُصَحِّحًا لِدَعْوَاهُ.
فَهَذَا التَّحْقِيقُ أَحْسَنُ مَا قِيلَ فِي مَسْأَلَةِ النُّكُولِ وَرَدِّ الْيَمِينِ، وَعَلَيْهِ تَدُلُّ آثَارُ الصَّحَابَةِ وَيَزُولُ عَنْهَا الِاخْتِلَافُ، وَيَكُونُ هَذَا فِي مَوْضِعِهِ وَهَذَا فِي مَوْضِعِهِ.
وَعَرَفَ حُذَيْفَةُ جَمَلًا لَهُ فَادَّعَاهُ، فَنَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَتَوَجَّهَتْ الْيَمِينُ عَلَى حُذَيْفَةَ، فَقَالَ: أَتُرَانِي أَتْرُكُ جَمَلِي؟ فَحَلَفَ بِاَللَّهِ أَنَّهُ مَا بَاعَ وَلَا وَهَبَ.

[مَتَى يَكُونُ تَحْلِيفُ الْمُدَّعِي؟]
فَقَدْ ثَبَتَ تَحْلِيفُ الْمُدَّعِي إذَا أَقَامَ شَاهِدًا وَاحِدًا، وَالشَّاهِدُ أَقْوَى مِنْ النُّكُولِ، فَتَحْلِيفُهُ مَعَ النُّكُولِ أَوْلَى، وَقَدْ شَرَعَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ تَحْلِيفَ الْمُدَّعِي فِي أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ؛ لِقُوَّةِ جَانِبِهِ بِاللَّوْثِ، فَتَحْلِيفُهُ مَعَ النُّكُولِ أَوْلَى، وَكَذَلِكَ شَرَعَ تَحْلِيفَ الزَّوْجِ فِي اللِّعَانِ، وَكَذَلِكَ شَرَعَ تَحْلِيفَ الْمُدَّعِي إذَا كَانَ شَاهِدُ الْحَالِ يُصَدِّقُهُ كَمَا إذَا تَدَاعَيَا مَتَاعَ الْبَيْتِ أَوْ تَدَاعَى النَّجَّارُ وَالْخَيَّاطُ آلَةَ كُلٍّ مِنْهُمَا فَإِنَّهُ يُقْضَى لِمَنْ تَدُلُّ الْحَالُ عَلَى صِحَّةِ دَعْوَاهُ مَعَ يَمِينِهِ، وَقَدْ رُوِيَ فِي حَدِيثٍ مَرْفُوعٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «رَدَّ الْيَمِينَ عَلَى طَالِبِ الْحَقِّ» ، ذَكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ، وَهَذَا مَحْضُ الْفِقْهِ وَالْقِيَاسِ؛ فَإِنَّهُ إذَا نَكَلَ قَوِيَ جَانِبُ الْمُدَّعِي فَظُنَّ صِدْقُهُ، فَشُرِعَ الْيَمِينُ فِي حَقِّهِ؛ فَإِنَّ الْيَمِينَ إنَّمَا شُرِعَتْ فِي جَانِبِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِقُوَّةِ جَانِبِهِ بِالْأَصْلِ.
فَإِذَا شَهِدَ الشَّاهِدُ الْوَاحِدُ ضَعُفَ هَذَا الْأَصْلُ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ قُوَّتُهُ مِنْ الِاسْتِقْلَالِ، وَقَوِيَ جَانِبُ الْمُدَّعِي بِالْيَمِينِ، وَهَكَذَا إذَا نَكَلَ ضَعُفَ أَصْلُ الْبَرَاءَةِ، وَلَمْ يَكُنْ النُّكُولُ مُسْتَقِلًّا بِإِثْبَاتِ الدَّعْوَى؛ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ لِجَهْلِهِ بِالْحَالِ، أَوْ لِتَوَرُّعِهِ عَنْ الْيَمِينِ، أَوْ لِلْخَوْفِ مِنْ عَاقِبَةِ الْيَمِينِ، أَوْ لِمُوَافَقَةِ قَضَاءٍ وَقَدَرٍ؛ فَيَظُنُّ الظَّانُّ أَنَّهُ بِسَبَبِ الْيَمِينِ، أَوْ لِتَرَفُّعِهِ عَنْ ابْتِذَالِهِ بِاسْتِحْلَافِ خَصْمِهِ لَهُ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ كَانَ صَادِقًا، وَإِذَا احْتَمَلَ نُكُولُهُ هَذِهِ الْوُجُوهَ لَمْ يَكُنْ مُسْتَقِلًّا؛ بَلْ غَايَتُهُ أَنْ يَكُونَ مُقَوِّيًا لِجَنَبَةِ الْمُدَّعِي فَتُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَيْهِ، وَلَمْ تَكُنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَقْصُودَةً، وَإِنَّمَا جَرَّ إلَيْهَا الْكَلَامُ فِي أَثَرِ ابْنِ عُمَرَ وَزَيْدٍ فِي مَسْأَلَةِ الْبَرَاءَةِ.
وَقَدْ عُلِمَ حُكْمُ هَذَا الشَّرْطِ، وَأَيْنَ يَنْتَفِعُ بِهِ الْبَارُّ، وَأَيْنَ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ.

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 306
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست