responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 244
قَالُوا: فَإِنْ خَافَ أَنْ لَا تَتَمَشَّى هَذِهِ الْحِيلَةُ عَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ الَّذِينَ لَا يُجَوِّزُونَ لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِجَارِيَةِ ابْنِهِ - وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ - فَالْحِيلَةُ أَنْ يُمَلِّكَهَا لِذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ، ثُمَّ يُزَوِّجَهُ إيَّاهَا، فَإِذَا وَلَدَتْ عَتَقَ الْوَلَدُ عَلَى مِلْكِ ذِي الرَّحِمِ؛ فَإِذَا أَرَادَ بَيْعَ الْجَارِيَةِ فَلْيَهَبْهَا لَهُ، فَيَنْفَسِخْ النِّكَاحُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذُو رَحِمٍ مَحْرَمٍ فَلْيُمَلِّكْهَا أَجْنَبِيًّا، ثُمَّ يُزَوِّجْهَا بِهِ، فَإِنْ خَافَ مِنْ رِقِّ الْوَلَدِ فَلْيُعَلِّقْ الْأَجْنَبِيُّ عِتْقَهُمْ بِشَرْطِ الْوِلَادَةِ، فَيَقُولُ: كُلُّ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ فَهُوَ حُرٌّ، فَيَكُونُ الْأَوْلَادُ كُلُّهُمْ أَحْرَارًا؛ فَإِذَا أَرَادَ بَيْعَهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَلْيَتَّهِبْهَا مِنْ الْأَجْنَبِيِّ ثُمَّ يَبِعْهَا.
وَهَذِهِ الْحِيلَةُ أَيْضًا بَاطِلَةٌ؛ فَإِنَّ حَقِيقَةَ التَّمْلِيكِ لَمْ تُوجَدْ، إذْ حَقِيقَتُهُ نَقْلُ الْمِلْكِ إلَى الْمُمَلَّكِ يَتَصَرَّفُ فِيهِ كَمَا أَحَبَّ.
هَذَا هُوَ الْمِلْكُ الْمَشْرُوعُ الْمَعْقُولُ الْمُتَعَارَفُ، فَأَمَّا تَمْلِيكٌ لَا يَتَمَكَّنُ فِيهِ الْمُمَلَّكُ مِنْ التَّصَرُّفِ إلَّا بِالتَّزْوِيجِ وَحْدَهُ؛ فَهُوَ تَلْبِيسٌ لَا تَمْلِيكٌ؛ فَإِنَّ الْمُمَلَّكَ لَوْ أَرَادَ وَطْأَهَا أَوْ الْخَلْوَةَ بِهَا أَوْ النَّظَرَ إلَيْهَا بِشَهْوَةٍ أَوْ التَّصَرُّفَ فِيهَا كَمَا يَتَصَرَّفُ الْمَالِكُ فِي مَمْلُوكِهِ لَمَا أَمْكَنَهُ ذَلِكَ؛ فَإِنَّ هَذَا تَمْلِيكُ تَلْبِيسٍ وَخِدَاعٍ وَمَكْرٍ، لَا تَمْلِيكُ حَقِيقَةٍ، بَلْ قَدْ عَلِمَ اللَّهُ وَالْمُمَلِّكُ وَالْمُمَلَّكُ أَنَّ الْجَارِيَةَ لِسَيِّدِهَا ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَأَنَّهُ لَمْ يَطِبْ قَلْبُهُ بِإِخْرَاجِهَا عَنْ مِلْكِهِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ، وَهَذَا التَّمْلِيكُ بِمَنْزِلَةِ تَمْلِيكِ الْأَجْنَبِيِّ مَالَهُ كُلَّهُ لِيُسْقِطَ عَنْهُ زَكَاتَهُ ثُمَّ يَسْتَرِدَّهُ مِنْهُ، وَمَعْلُومٌ قَطْعًا أَنَّهُ لَا حَقِيقَةَ لِهَذَا التَّمْلِيكِ عُرْفًا وَلَا شَرْعًا، وَلَا يُعَدُّ الْمُمَلَّكُ لَهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ غَنِيًّا بِهِ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ بِهِ الْحَجُّ وَالزَّكَاةُ وَالنَّفَقَةُ وَأَدَاءُ الدُّيُونِ، وَلَا يَكُونُ بِهِ وَاجِدًا لِلطَّوْلِ مَعْدُودًا فِي جُمْلَةِ الْأَغْنِيَاءِ؛ فَهَذَا هُوَ الْحَقِيقَةُ، لَا التَّمْلِيكُ الْبَاطِلُ الَّذِي هُوَ مَكْرٌ وَخِدَاعٌ وَتَلْبِيسٌ.

[فَصْلٌ إبْطَالُ حِيلَةٍ لِلتَّمَكُّنِ مِنْ رَجْعَةِ الْبَائِنِ بِغَيْرِ عِلْمِهَا]
فَصْلٌ
[إبْطَالُ حِيلَةٍ لِلتَّمَكُّنِ مِنْ رَجْعَةِ الْبَائِنِ بِغَيْرِ عِلْمِهَا] : وَمِنْ الْحِيَلِ الْبَاطِلَةِ التَّحَيُّلُ عَلَى رَدِّ امْرَأَتِهِ بَعْدَ أَنْ بَانَتْ مِنْهُ وَهِيَ لَا تَشْعُرُ بِذَلِكَ، وَقَدْ ذَكَرَ أَرْبَابُ الْحِيَلِ وُجُوهًا كُلُّهَا بَاطِلَةٌ؛ فَمِنْهَا أَنْ يَقُولَ لَهَا: حَلَفْتُ يَمِينًا وَاسْتَفْتَيْتُ فَقِيلَ لِي جَدِّدْ نِكَاحَكَ؛ فَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ قَدْ وَقَعَ وَإِلَّا لَمْ يَضُرّكَ، فَإِذَا أَجَابَتْهُ قَالَ: اجْعَلِي الْأَمْرَ إلَيَّ فِي تَزْوِيجِكِ، ثُمَّ يَحْضُرُ الْوَلِيُّ وَالشُّهُودُ وَيَتَزَوَّجُهَا، فَتَصِيرُ امْرَأَتَهُ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ وَهِيَ لَا تَشْعُرُ؛ فَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فَلْيَنْتَقِلْ إلَى وَجْهٍ ثَانٍ، وَهُوَ أَنْ يُظْهِرَ أَنَّهُ يُرِيدُ سَفَرًا وَيَقُولُ: لَا آمَنُ الْمَوْتَ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَكْتُبَ لَكَ هَذِهِ الدَّارَ وَأَجْعَلَ لَكَ هَذَا الْمَتَاعَ صَدَاقًا بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ إبْطَالُهُ وَأُرِيدُ أَنْ أَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ، فَاجْعَلِي أَمْرَكِ إلَيَّ حَتَّى أَجْعَلَهُ صَدَاقًا؛ فَإِذَا

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 244
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست