responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 245
فَعَلَتْ عَقَدَ نِكَاحَهَا عَلَى ذَلِكَ وَتَمَّ الْأَمْرُ؛ فَإِنْ لَمْ يُرِدْ السَّفَرَ فَلْيُظْهِرْ أَنَّهُ مَرِيضٌ، ثُمَّ يَقُولُ لَهَا: أُرِيدُ أَنْ أَجْعَلَ لَكِ ذَلِكَ، وَأَخَافُ أَنْ أَقِرَّ لَكِ بِهِ فَلَا يُقْبَلُ؛ فَاجْعَلِي أَمْرَكِ إلَيَّ أَجْعَلْهُ صَدَاقًا، فَإِذَا فَعَلَتْ أَحْضَرَ وَلِيَّهَا وَتَزَوَّجَهَا؛ فَإِنْ حَذِرَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْهُ لَمْ يَبْقَ لَهُ إلَّا حِيلَةٌ وَاحِدَةٌ، وَهِيَ أَنْ يَحْلِفَ بِطَلَاقِهَا، أَوْ يَقُولَ: قَدْ حَلَفْت بِطَلَاقِكِ أَنِّي أَتَزَوَّجُ عَلَيْكِ فِي هَذَا الْيَوْمِ أَوْ هَذَا الْأُسْبُوعِ، أَوْ أُسَافِرُ بِكِ، وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَتَمَسَّكَ بِكِ وَلَا أُدْخِلَ عَلَيْك ضَرَّةً وَلَا تُسَافِرِينَ، فَاجْعَلِي أَمْرَكِ إلَيَّ حَتَّى أُخَالِعَكِ وَأَرُدَّكِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْيَوْمِ وَتَتَخَلَّصِي مِنْ الضَّرَّةِ وَالسَّفَرِ، فَإِذَا فَعَلَتْ أَحْضَرَ الشُّهُودَ وَالْوَلِيَّ ثُمَّ يَرُدُّهَا.
وَهَذِهِ الْحِيلَةُ بَاطِلَةٌ؛ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ إذَا بَانَتْ صَارَتْ أَجْنَبِيَّةً مِنْهُ؛ فَلَا يَجُوزُ نِكَاحُهَا إلَّا بِإِذْنِهَا وَرِضَاهَا، وَهِيَ لَمْ تَأْذَنْ فِي هَذَا النِّكَاحِ الثَّانِي، وَلَا رَضِيَتْ بِهِ، وَلَوْ عَلِمَتْ أَنَّهَا قَدْ مَلَّكَتْ نَفْسَهَا وَبَانَتْ مِنْهُ فَلَعَلَّهَا لَا تَرْغَبُ فِي نِكَاحِهِ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْدَعَهَا عَلَى نَفْسِهَا وَيَجْعَلَهَا لَهُ زَوْجَةً بِغَيْرِ رِضَاهَا.
فَإِنْ قِيلَ: إنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ جَعَلَ جِدَّ النِّكَاحِ كَهَزْلِهِ، وَغَايَةُ هَذَا أَنَّهُ هَازِلٌ.
قِيلَ: هَذَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ، وَلَيْسَ هَذَا كَالْهَازِلِ؛ فَإِنَّ الْهَازِلَ لَمْ يُظْهِرْ أَمْرًا يُرِيدُ خِلَافَهُ، بَلْ تَكَلَّمَ بِاللَّفْظِ قَاصِدًا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ مُوجَبُهُ، وَذَلِكَ لَيْسَ إلَيْهِ، بَلْ إلَى الشَّارِعِ، وَأَمَّا هَذَا فَمَاكِرٌ مُخَادِعٌ لِلْمَرْأَةِ عَلَى نَفْسِهَا، مُظْهِرٌ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ وَأَنَّ الزَّوْجِيَّةَ بَيْنَهُمَا بَاقِيَةٌ وَهِيَ أَجْنَبِيَّةٌ مَحْضَةٌ؛ فَهُوَ يَمْكُرُ بِهَا وَيُخَادِعُهَا بِإِظْهَارِ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ وَهِيَ فِي الْبَاطِنِ أَجْنَبِيَّةٌ؛ فَهُوَ كَمَنْ يَمْكُرُ بِرَجُلٍ يُخَادِعُهُ عَلَى أَخْذِ مَالِهِ بِإِظْهَارِ أَنَّهُ يَحْفَظُهُ لَهُ وَيَصُونُهُ مِمَّنْ يُذْهَبُ بِهِ، بَلْ هَذَا أَفْحَشُ؛ لِأَنَّ حُرْمَةَ الْبُضْعِ أَعْظَمُ مِنْ حُرْمَةِ الْمَالِ، وَالْمُخَادَعَةُ عَلَيْهِ أَعْظَمُ مِنْ الْمُخَادَعَةِ عَلَى الْمَالِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَصْلٌ الْحِيلَةُ عَلَى وَطْءِ مُكَاتَبَتِهِ]
فَصْلٌ
[إبْطَالُ حِيلَةٍ لِوَطْءِ الْمُكَاتَبَةِ]
وَمِنْ الْحِيَلِ الْبَاطِلَةِ الْحِيلَةُ عَلَى وَطْءِ مُكَاتَبَتِهِ بَعْدَ عَقْدِ الْكِتَابَةِ، قَالَ أَرْبَابُ الْحِيَلِ: الْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَهَبَهَا لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ، ثُمَّ يَتَزَوَّجَهَا وَهِيَ عَلَى مِلْكِ ابْنِهِ ثُمَّ يُكَاتِبَهَا لِابْنِهِ، ثُمَّ يَطَأَهَا بِحُكْمِ النِّكَاحِ، فَإِنْ أَتَتْ بِوَلَدٍ كَانُوا أَحْرَارًا؛ إذْ وَلَدُهُ قَدْ مَلَكَهُمْ، فَإِنْ عَجَزَتْ عَنْ الْكِتَابَةِ عَادَتْ قِنًّا لِوَلَدِهِ وَالنِّكَاحُ بِحَالِهِ.
وَهَذِهِ الْحِيلَةُ بَاطِلَةٌ عَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ، وَهِيَ بَاطِلَةٌ فِي نَفْسِهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُمَلِّكْهَا لِوَلَدِهِ تَمْلِيكًا حَقِيقِيًّا، وَلَا كَاتَبَهَا لَهُ حَقِيقَةً، بَلْ خِدَاعًا وَمَكْرًا، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهَا أَمَتُهُ وَمُكَاتَبَتُهُ فِي

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 245
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست