responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 220
مَعْرُوفًا، وَلَا أَرَى مَنْ يَذْكُرُ هَذَا عَنْهُ إلَّا مُحِيلًا. وَالزُّبَيْرِيُّ أَحَدُ الْأَئِمَّةِ الْكِبَارِ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ، فَإِذَا كَانَ هَذَا قَوْلَهُ وَتَنْزِيهَهُ لِلشَّافِعِيِّ عَنْ خُلْعِ الْيَمِينِ فَكَيْفَ بِحِيَلِ الرِّبَا الصَّرِيحِ وَحِيَلِ التَّحْلِيلِ وَحِيَلِ إسْقَاطِ الزَّكَاةِ وَالْحُقُوقِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْحِيَلِ الْمُحَرَّمَةِ؟
فَصْلٌ
وَلَا بُدَّ مِنْ أَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا أَعْظَمُ مِنْ الْآخَرِ، وَهُوَ النَّصِيحَةُ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَكِتَابِهِ وَدِينِهِ، وَتَنْزِيهِهِ عَنْ الْأَقْوَالِ الْبَاطِلَةِ الْمُنَاقِضَةِ لِمَا بَعَثَ اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ مِنْ الْهُدَى وَالْبَيِّنَاتِ، الَّتِي هِيَ خِلَافُ الْحِكْمَةِ وَالْمَصْلَحَةِ وَالرَّحْمَةِ وَالْعَدْلِ، وَبَيَانُ نَفْيِهَا عَنْ الدِّينِ وَإِخْرَاجِهَا مِنْهُ، وَإِنْ أَدْخَلَهَا فِيهِ مَنْ أَدْخَلَهَا بِنَوْعِ تَأْوِيلٍ.
[مِنْ فَضْلِ الْأَئِمَّةِ]
وَالثَّانِي: مَعْرِفَةُ فَضْلِ أَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ وَمَقَادِيرِهِمْ وَحُقُوقِهِمْ وَمَرَاتِبِهِمْ، وَأَنَّ فَضْلَهُمْ وَعِلْمَهُمْ وَنُصْحَهُمْ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ لَا يُوجِبُ قَبُولَ كُلِّ مَا قَالُوهُ، وَمَا وَقَعَ فِي فَتَاوِيهِمْ مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي خَفِيَ عَلَيْهِمْ فِيهَا مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ فَقَالُوا بِمَبْلَغِ عِلْمِهِمْ وَالْحَقُّ فِي خِلَافِهَا لَا يُوجِبُ إطْرَاحَ أَقْوَالِهِمْ جُمْلَةً وَتَنَقُّصَهُمْ وَالْوَقِيعَةَ فِيهِمْ؛ فَهَذَانِ طَرَفَانِ جَائِرَانِ عَنْ الْقَصْدِ، وَقَصْدُ السَّبِيلِ بَيْنَهُمَا، فَلَا نُؤَثِّمُ وَلَا نَعْصِمُ، وَلَا نَسْلُكُ بِهِمْ مَسْلَكَ الرَّافِضَةِ فِي عَلِيٍّ وَلَا مَسْلَكَهُمْ فِي الشَّيْخَيْنِ، بَلْ نَسْلُكُ مَسْلَكَهُمْ أَنْفُسَهُمْ فِيمَنْ قَبْلَهُمْ مِنْ الصَّحَابَةِ، فَإِنَّهُمْ لَا يُؤَثِّمُونَهُمْ وَلَا يَعْصِمُونَهُمْ، وَلَا يَقْبَلُونَ كُلَّ أَقْوَالِهِمْ وَلَا يُهْدِرُونَهَا.
فَكَيْفَ يُنْكِرُونَ عَلَيْنَا فِي الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ مَسْلَكًا يَسْلُكُونَهُ هُمْ فِي الْخُلَفَاءِ الْأَرْبَعَةِ وَسَائِرِ الصَّحَابَةِ؟ وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ لِمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ، وَإِنَّمَا يَتَنَافَيَانِ عِنْدَ أَحَدِ رَجُلَيْنِ: جَاهِلٍ بِمِقْدَارِ الْأَئِمَّةِ وَفَضْلِهِمْ، أَوْ جَاهِلٍ بِحَقِيقَةِ الشَّرِيعَةِ الَّتِي بَعَثَ اللَّهُ بِهَا رَسُولَهُ، وَمَنْ لَهُ عِلْمٌ بِالشَّرْعِ وَالْوَاقِعِ يَعْلَمُ قَطْعًا أَنَّ الرَّجُلَ الْجَلِيلَ الَّذِي لَهُ فِي الْإِسْلَامِ قَدَمٌ صَالِحٌ وَآثَارٌ حَسَنَةٌ وَهُوَ مِنْ الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ بِمَكَانٍ قَدْ تَكُونُ مِنْهُ الْهَفْوَةُ وَالزَّلَّةُ هُوَ فِيهَا مَعْذُورٌ بَلْ وَمَأْجُورٌ لِاجْتِهَادِهِ؛ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُتْبَعَ فِيهَا، وَلَا يَجُوزُ أَنْ تُهْدَرَ مَكَانَتُهُ وَإِمَامَتُهُ وَمَنْزِلَتُهُ مِنْ قُلُوبِ الْمُسْلِمِينَ.
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ: كُنْتُ بِالْكُوفَةِ فَنَاظَرُونِي فِي النَّبِيذِ الْمُخْتَلِفِ فِيهِ، فَقُلْتُ لَهُمْ: تَعَالَوْا فَلْيَحْتَجَّ الْمُحْتَجُّ مِنْكُمْ عَمَّنْ شَاءَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالرُّخْصَةِ، فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ الرَّدَّ عَلَيْهِ عَنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ بِسَنَدٍ صَحَّتْ عَنْهُ، فَاحْتَجُّوا فَمَا جَاءُوا عَنْ أَحَدٍ بِرُخْصَةٍ إلَّا جِئْنَاهُمْ بِسَنَدٍ، فَلَمَّا لَمْ يَبْقَ فِي يَدِ أَحَدٍ مِنْهُمْ إلَّا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ، وَلَيْسَ احْتِجَاجُهُمْ عَنْهُ فِي شِدَّةِ النَّبِيذِ بِشَيْءٍ يَصِحُّ عَنْهُ، إنَّمَا يَصِحُّ عَنْهُ أَنَّهُ لَمْ يَنْتَبِذْ لَهُ فِي الْجَرِّ الْأَخْضَرِ.
قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ:

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 220
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست