responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 204
عَقْدِ النِّكَاحِ.
وَهَلْ هَذَا فِي الشَّرْعِيَّاتِ إلَّا بِمَنْزِلَةِ تَقَدُّمِ الِانْكِسَارِ عَلَى الْكَسْرِ وَالسَّيْلِ عَلَى الْمَطَرِ وَالشِّبَعِ عَلَى الْأَكْلِ وَالْوَلَدِ عَلَى الْوَطْءِ وَأَمْثَالِ ذَلِكَ؟ وَلَا سِيَّمَا عَلَى أَصْلِ مَنْ يَجْعَلُ هَذِهِ الْعِلَلَ وَالْأَسْبَابَ عَلَامَاتٍ مَحْضَةٍ، وَلَا تَأْثِيرَ لَهَا، بَلْ هِيَ مُعَرَّفَاتٌ، وَالْمُعَرَّفُ يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ عَنْ الْمُعَرِّفِ.
وَبِهَذَا يَخْرُجُ الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِكُمْ: إنَّ الشُّرُوطَ الشَّرْعِيَّةَ مَعْرُوفَاتٌ وَأَمَارَاتٌ وَعَلَامَاتٌ، وَالْعَلَامَةُ يَجُوزُ تَأَخُّرُهَا؛ فَإِنَّ هَذَا وَهْمٌ وَإِيهَامٌ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدِهِمَا: أَنَّ الْفُقَهَاءَ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ الشَّرَائِطَ الشَّرْعِيَّةَ لَا يَجُوزُ تَأَخُّرُهَا عَنْ الْمَشْرُوطِ، وَلَوْ تَأَخَّرَتْ لَمْ تَكُنْ شُرُوطًا.
[بَحْثٌ فِي الشُّرُوطِ وَأَنْوَاعِهَا وَحُكْمِ كُلِّ نَوْعٍ مِنْهَا]
الثَّانِي: أَنَّ هَذَا شَرْطٌ لُغَوِيٌّ كَقَوْلِهِ: " إنْ كَلَّمْتِ زَيْدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ " وَنَحْوِ ذَلِكَ: " وَإِنْ خَرَجْتِ بِغَيْرِ إذْنِي فَأَنْتِ طَالِقٌ " وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَالشُّرُوطُ اللُّغَوِيَّةُ أَسْبَابٌ وَعِلَلٌ مُقْتَضِيَةٌ لِأَحْكَامِهَا اقْتِضَاءَ الْمُسَبَّبَاتِ لِأَسْبَابِهَا، أَلَا تَرَى أَنَّ قَوْلَهُ: " إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ " سَبَبٌ وَمُسَبَّبٌ وَمُؤَثِّرٌ وَأَثَرٌ، وَلِهَذَا يَقَعُ جَوَابًا عَنْ الْعِلَّةِ، فَإِذَا قَالَ: " لَمْ أُطَلِّقْهَا؟ " قَالَ: لِوُجُودِ الشَّرْطِ الَّذِي عَلَّقْت عَلَيْهِ الطَّلَاقَ، فَلَوْلَا أَنَّ وُجُودَهُ مُؤَثِّرٌ فِي الْإِيقَاعِ لَمَا صَحَّ هَذَا الْجَوَابُ، وَلِهَذَا يَصِحُّ أَنْ يُخْرِجَهُ بِصِيغَةِ الْقَسَمِ فَيَقُولُ: الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي لَا تَدْخُلِينَ الدَّارَ؛ فَيُجْعَلُ إلْزَامُهُ لِلطَّلَاقِ فِي الْمُسْتَقْبِلِ مُسَبَّبًا عَنْ دُخُولِهَا الدَّارَ بِالْقَسَمِ وَالشَّرْطِ، وَقَدْ غَلِطَ فِي هَذَا طَائِفَةٌ مِنْ النَّاسِ حَيْثُ قَسَّمُوا الشَّرْطَ إلَى شَرْعِيٍّ وَلُغَوِيٍّ وَعَقْلِيٍّ، ثُمَّ حَكَمُوا عَلَيْهِ بِحُكْمٍ شَامِلٍ فَقَالُوا: الشَّرْطُ يَجِبُ تَقْدِيمُهُ عَلَى الْمَشْرُوطِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ وُجُودُ الْمَشْرُوطِ، وَيَلْزَمُ مِنْ انْتِفَائِهِ انْتِفَاءُ الْمَشْرُوطِ كَالطَّهَارَةِ لِلصَّلَاةِ وَالْحَيَاةِ لِلْعِلْمِ.
ثُمَّ أَوْرَدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ الشَّرْطَ اللُّغَوِيَّ؛ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ وُجُودُ الْمَشْرُوطِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ انْتِفَائِهِ انْتِفَاؤُهُ؛ لِجَوَازِ وُقُوعِهِ بِسَبَبٍ آخَرَ، وَلَمْ يُجِيبُوا عَنْ هَذَا الْإِيرَادِ بِطَائِلٍ، وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الشُّرُوطَ اللُّغَوِيَّةَ أَسْبَابٌ عَقْلِيَّةٌ، وَالسَّبَبُ إذَا تَمَّ لَزِمَ مِنْ وُجُودِهِ وُجُودُ مُسَبَّبِهِ، وَإِذَا انْتَفَى لَمْ يَلْزَمْ نَفْيُ الْمُسَبَّبِ مُطْلَقًا؛ لِجَوَازِ خَلْفِ سَبَبٍ آخَرَ، بَلْ يَلْزَمُ انْتِفَاءُ السَّبَبِ الْمُعَيَّنِ عَنْ هَذَا الْمُسَبَّبِ.
وَأَمَّا قَوْلُكُمْ: " إنَّهُ صَدَرَ مِنْ هَذَا الزَّوْجِ طَلَاقَانِ مُنَجَّزٌ وَمُعَلَّقٌ، وَالْمَحَلُّ قَابِلٌ لَهُمَا " فَجَوَابُهُ بِالْمَنْعِ، فَإِنَّ الْمَحَلَّ لَيْسَ بِقَابِلٍ لِلْمُعَلَّقِ؛ فَإِنَّهُ يَتَضَمَّنُ الْمُحَالَ، وَالْمَحَلُّ لَا يَقْبَلُ الْمُحَالَ، نَعَمْ هُوَ قَابِلٌ لِلْمُنَجَّزِ وَحْدَهُ، فَلَا مَانِعَ مِنْ وُقُوعِهِ، وَكَيْفَ تَصِحُّ دَعْوَاكُمْ أَنَّ الْمَحَلَّ

نام کتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين نویسنده : ابن القيم    جلد : 3  صفحه : 204
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست